"القوشنة" أعلى مراحل الخصخصة

شعرت أمس بالغيرة من مفهوم "القوشنة" الذي اشتقه زميلنا سلامه الدرعاوي في مقالته التي أشار فيها إلى اعتماد الحكومة على بيع أراضي الدولة كمصدر مالي لرفد للخزينة, وذلك بعد أن استنفذت مردود الخصخصة.
الأفراد في الأردن كذلك اعتمدوا الأسلوب ذاته, فمنذ سنوات تنتشر لدى فكهاء الرمثا عبارة أصبحت شهيرة, فهم كلما سئل أحدهم عن أحواله وأحوال أسرته يجيب: "الحمد لله فالمرحوم الوالد لا يزال ينفق علينا حتى بعد وفاته", وهو هنا يقصد أنه يبيع من الأراضي التي ورثها عن والده المتوفى وينفق من مردودها.
الحكومات ومنها الحالية تنفق من "التركة" ولكنها تقوم بذلك قبل وفاة المرحوم. إنها في أحسن الأحوال "تحجر عليه" وتنفق من ممتلكاته بحجة انعدام أهليته للتصرف.
كان نقاد الخصخصة قد ألفوا تشبيهاً تهكمياً موجهاً ضد المخصخصين, فقد قالوا ان مَن يبيع مشاريع القطاع العام يشبه مَنْ يملك بقرة تدر عليه يومياً قدراً من الحليب يسد الرمق إلى أن قرر أن يبيع البقرة ويقبض سعراً يوفر له فرصة الابتهاج لعدة أيام وهو يرى نفسه قادراً على شراء أشياء أخرى غير الحليب, ولكنه سرعان ما يفاجأ بأنه لم يعد قادراً حتى على الحصول على الحليب.
إن بيع الأراضي يشبه من يقرر بيع "الصيرة" التي كانت تقيم بها البقرة, مما يعني أنه يقضي على احتمال أن يملك ولو نعجة حتى لو اقتنع بالاكتفاء بحليبها.
العرب اليوم