أوباما في هيروشيما:أم الجرائم بلا.. «اعتذار»!

تم نشره الثلاثاء 24 أيّار / مايو 2016 12:40 صباحاً
أوباما في هيروشيما:أم الجرائم بلا.. «اعتذار»!
محمد خروب

بعد ان ينهي الرئيس الاميركي الموشك «عهده» على الانتهاء, هذا العهد الذي سيخضع لكثير من التحليلات والنقاشات والاضاءات, والذي سيثير المزيد من الخلافات في شأن «الإرث» الذي خلّفه وجوده في البيت الأبيض طوال ثماني سنوات، قيل فيها وعنها انها ثمان عجاف, فيما آخرون رأوا فيه أكثر الرؤساء الاميركيين ثقافة وبُعد نظر وصاحب فلسفة ورؤية مختلفة عمّا درج البيت الأبيض على «استضافتهم» لأربع سنوات او ثمانٍ وبخاصة في القرن العشرين، الذي كان القرن الأكثر دموية وحروباً في التاريخ البشري وخصوصاً الممتد منه لأربعة قرون او خمسة خلت.

نقول: بعد انتهاء زيارة اوباما الراهنة لفيتنام (وما ادراك ما عقدة وعار فيتنام في التاريخ الاميركي الحديث, والذي لم يبرأ منه «السيستم» الاميركي رغم تبجح الرئيس الأسبق جورج بوش «الأب» في العام 1991، وبعد حرب عاصفة الصحراء «تحرير الكويت» عندما قال في غطرسة اميركية موصوفة: الآن دفنّا عار فيتنام في الصحراء العربية) التي باتت (فيتنام) اكبر وأهم حلفاء أميركا في تلك المنطقة، تُحركها «عداوتها» التاريخية مع الصين وتلتقي مع واشنطن في تضخيم الخطر الصيني ,متجاهلة عن عمد ان اميركا التي ارتكبت فظائع ما تزال مقيمة في ذاكرة الفيتناميين، تستخدمها مجرد ورقة في صراعها مع بيجين وبخاصة في تشكيل الاحلاف ذات الطابع العسكري والذي ستدفع اكلافه شعوب المنطقة, وليس ادل على ذلك سوى ما أعلنه اوباما نفسه قبل هبوطه في مطار هانوي بأنه «يرفع «حظر بيع الاسلحة لِفيتنام, فيما واشنطن تكتفي – كعادتها – بتدوير الفاتورة بين «الحلفاء», الذين لا يستطيعون مغادرة المربع الذي رسمته الادارات الاميركية المتعاقبة, وهي ان الصعود الصيني هو الخطر الأكبر على المنطقة, رغم ما تقوله بيجين صباح مساء من ان صعودها سيبقى «سلمياً» وأنها مستعدة لمدّ يد الصداقة والتعاون المتبادَل مع الجميع..

ما علينا..

أوباما سيكون يوم الجمعة الوشيك, في مدينة هيروشيما اليابانية، تلك المدينة الشهيدة والشاهدة على مدى انحدار القيم الانسانية والمخاطر التي تُشكلها القيادات غير المسؤولة، السياسية والعسكرية على حد سواء، التي ترى في «الانتصار» هدفاً في حد ذاته، ضاربة عرض الحائط بكل الاعراف والتقاليد وقوانين الحرب, وثمن ذلك الانتصار وبخاصة في بُعده الانساني وكلفته البشرية.

ولأن هيروشيما ستبقى مثالاً ساطعاً على مدى همجية الانسان وبشاعة القوة المنفلتة ,التي بلا ضوابط او قيود، وكيف تصل الامور باصحاب القرار، الى إزهاق ارواح مئات الألوف في ثوان معدودات، فان مجرد ذهاب اول رئيس اميركي الى مكان الجريمة الاكبر والاخطر في التاريخ ــ قديمه والحديث ــ لا يشكل حدثا في حد ذاته رغم رمزيته, الا اذا كان مصحوبا باعتذار رسمي وعلني وطلب الغفران من الضحايا’ سواء في هيروشيما التي فقدت (140) ألف قتيل فور القاء اول قنبلة نووية اميركية عليها، ام في ناكازاكي التي سقط (74) الف قتيل من سكانها جراء اسقاط القنبلة «الثانية»، بعد ثلاثة ايام من جريمة هيروشيما.

اوباما... لن يعتذر وهو لم يكتف بما قاله الناطقون باسمه من انه ذاهب الى هيروشيما ولكن ليس للاعتذار, بل زاد الرئيس الاميركي, الحائز على جائزة نوبل للسلام, الطين بِلّة عندما قال ردا على سؤال لقناة تلفزيونية يابانية شهيرة يوم امس عما اذا كان سيقدم اعتذارات؟.: «لا.. لأني اعتقد ان من المهم الإقرار بانه في اوج الحرب، على القادة ان يتخذوا كل اشكال القرارات».. مستطردا في فذلكة تفوح منها رائحة الاستعلاء و»الاستثناء» الاميركي الذي يُصرّ الاميركيون (بصرف النظر عن الوان بشرتهم او انتماءاتهم السياسية والفكرية).. «انه من دور المؤرخين طرح الاسئلة وتحليلها.. لكني اعرف بحكم تولي هذا المنصب، منذ سبع سنوات ونصف، ان اي قائد يتخذ قرارات صعبة جدا، وخصوصا في زمن الحرب»..

هكذا اذاً وفي بساطة تعكس مدى احتقار الرئيس الاميركي لذكاء المشاهدين وذاكرة شعوب العالم وفي مقدمتهم الشعب الياباني واحفاد الضحايا في هيروشيما وناكازاكي يقول لا فض فوه: «كل شيء مباح في الحروب، القنابل النووية والكيميائية والجرثومية و العنقودية، وكل ما تفتقت عنه عبقرية المُخترِعين والمُصممين في مختبرات ومصانع الاسلحة التي باتت «تجارتها» الاولى في النشاط التجاري الاميركي خصوصاً.

ما يعني منذ الان, ان لا قوانين حرب ولا قانوناً انسانياً دولياً او شرعة حقوق الانسان او اي شيء يردع»القائد» اي قائد يخوض حرباً,سواء كانت حرباً عادلة أم عدواناً موصوفاً, لان الانتصار مطلوب واكاليل الغار يجب ان توضع على رؤوس هؤلاء القادة, اما الضحايا فلا بواكي لهم حتى لو استسلمت الجيوش ووقّع جنرالاتها صكوك الاذلال والعار، وباتت البلاد والعباد تحت رحمة بساطير الجنرالات واحذية الجنود.

جريمتا هيروشيما وناكازاكي ستبقيان عاراً في جبين الذين اصدروا قرار ابادتهما والاعتذار لا يكفي، لكنه في شكل ما يشكل «عقوبة» رادعة لمن يحاول ان يقارف جريمة مماثلة او اقل منها بكثير.

(الرأي 2016-05-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات