نتنياهو يعري أوباما..!!

لم يكن اللقاء الحميم في البيت الابيض بين الرئيس الامريكي اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو مفاجئاً ، الا من ناحية تخلي اوباما عن ورقة التوت واظهار الموقف الامريكي عارياً وتابعاً وخاضعاً لكل ما يريده نتنياهو الذي شطب ايضاً هامش المناورة لدى الرئيس اوباما في تسويق ادارته بالتظاهر بأنها مهتمة بمراعاة خاطر العرب وادعاء انها معنية بالامن والاستقرار في هذه المنطقة من العالم ، عبر تأكيد اوباما المتكرر ان حل القضية الفلسطيني هو السبيل الوحيد لمواجهة التطرف والتشدد وكذلك الغضب العربي والاسلامي من شرور العدوان والاحتلال والاستكبار.
لقد سقط اوباما في الاختبار واعطى نتنياهو كل ما يريد بما في ذلك مباركة ضمنية لبرنامج اسرائيل النووي الذي طالب بعدم التعرض له لانه جزء من أمن اسرائيل الذي هو جزء من امن امريكا وكل ما التزم به اوباما تنازل عنه بما في ذلك مطالبته لاسرائيل بوقف الاستيطان مؤقتاً ، وبشكل غير مباشر أيد اوباما تهويد القدس وهدم المنازل وكل الاجراءات الرامية الى تهويد كل فلسطين ، هذا هو الموقف النهائي لاوباما الذي يضع في حسابه فقط الانتخابات التشريعية النصفية في خريف هذا العام وكذلك ارضاء اللوبي الصهيوني في امريكا وبقاء البيت الابيض أسقط قدرة اوباما على التذاكي وكما يقول زميلنا ساطع نورالدين فان هنالك من لا يزال يعتقد ان اوباما شخص يتسم بالكثير من الذكاء والدهاء ، الذي يتطلبه التعامل مع حكومة يمينية هستيرية في إسرائيل ، يسعى الى استيعابها بالترغيب بالمال والسلاح والترهيب بالموقف السياسي ، واقناعها بحاجة اميركا الملحة الى تسوية القضية الفلسطينية ، وهو لذلك يغضب من نتنياهو حيناً ويلاطفه ويصالحه احياناً ويضعه في موضع الاختبار الدائم لمدى مصداقيته وجديته وحرصه على عدم الاضرار بالمصالح الاميركية في العالمين العربي والإسلامي.
لكن تجربة الملف النووي الايراني كشفت عن وجه مغاير لأوباما الذي يكذب او يخدع بكل ما للكلمة من معنى: فهو طلب رسميا من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والرئيس البرازيلي ايناسيو لولا دا سيلفا ، الحصول على توقيع القيادة الايرانية على اتفاق طهران الثلاثي حول تبادل اليورانيوم والذي جرت صياغته بالتفاهم المباشر مع البيت الابيض.. لكنه في اليوم التالي ذهب الى مجلس الأمن الدولي وحصل على القرار 1929 بتوسيع العقوبات على ايران ، وسط ذهول الاتراك والبرازيليين الذين لم يصدقوا حتى الآن سبب الاهانة الاميركية التي وجهت اليهم.
ومن الأسباب التخفيفية التي تساق في تبرير هذا الموقف الأميركي الغريب ، الزعم ان اوباما لم يكذب على اردوغان ولولا ولم يخدعهما ، لكنه استخدم من قبل الدوائر الحاكمة في واشنطن لكي ينتزع من طهران بمساعدة تركيا والبرازيل مثل هذا التنازل النووي المهم. كان مجرد أداة ، او على الاقل كان بمثابة ضحية لتلك الدوائر التي ارادت معاقبته على القرار المتسرع الذي اتخذه في بداية عهده بمد يده للحوار مع ايران.
في جلسته وابتسامته مع نتنياهو امس ، لم يكن من السهل التمييز بين دور الاداة والضحية ، لكن اوباما افصح بعد اللقاء عن موقف يبدد الغيوم التي لاحت للبعض في سماء العلاقات الاستراتيجية الاميركية الاسرائيلية ، ويعلن ان اسرائيل جزء من منظومة الامن القومي الاميركي وهي حالة خاصة في حاجاتها وتحدياتها الامنية السياسية في الشرق الاوسط.. لا ينبغي ان يفرض عليها حل للقضية الفلسطينية التي اوحى بان الفلسطينيين غير جاهزين لحلها ، ولا رقابة على برنامجها النووي العسكري في ظل الخطر النووي الايراني الافتراضي.
وبغض النظر عما يمكن ان يعتقده عشاق اوباما من العرب والمسلمين ، فإن موقفه الاسرائيلي الذي يعيد الى الاذهان مواقف احد اسوأ اسلافه ، الرئيس الاسبق رونالد ريغان ، هو اما نهاية فترة الخداع ، او بداية الانقلاب من جانب المؤسسة الاميركية على الرئيس الذي اوحى خلال الاشهر الماضية من حكمه بان اميركا تغيّرت.
الدستور