تنويع على نص عنصري فاشي.. واحد!

تم نشره الأربعاء 01st حزيران / يونيو 2016 12:47 صباحاً
تنويع على نص عنصري فاشي.. واحد!
محمد خروب

لن يهدأ النقاش والجدل السياسي وخصوصاً العربي والفلسطيني، حول تعيين الفاشي والعنصري المتطرف في ارائه ومواقفه ومقارباته السياسية افيغدور ليبرمان وزيراً للحرب في اسرائيل، ما يعكس ضمن امور اخرى، قصور القراءة العربية والفلسطينية رغم مرور اكثر من قرن على الصراع مع الصهيونية فوق الاراضي الفلسطينية وامتدادها العربي، وكيف ضاقت هذه القراءة الى حدود النظر الى مسألة الصراع وكأنها تنحصر فقط في الاشخاص والاسماء, والمُفاضَلة بين حزب العمل الموصوف باليساري او ما انتهى اليه الآن كـَ»يسار وسط», والليكود الذي جاء الى الحكم في مثل هذه الايام قبل اربعين عاماً تقريباً (17 ايار 1977) ما وصف وقتذاك بـ «الانقلاب» الذي قاده مناحيم بيغن مُنهِياً حقبة طويلة من حكم حزب العمل (بأسمائه المختلفة والمُهيمن عليه «الاشكناز», اي اليهود القادمين من اوروبا) امتدت من قيام دولة العدو في العام 1948 حتى ذلك اليوم من ايار 1977.

يذكر معظمنا، كيف تحول اغتيال اسحق رابين قبل عقدين ونيف، الى مهرجان حزن وندب لدى العرب وخصوصاً لدى سلطة اوسلو في رام الله, التي كانت ترى فيه شريكاً «في سلام الشجعانً», وانه لو لم يمت برصاصات متطرف يميني, حقنته الحملة الاعلامية الشرسة التي شُنت ضده من قبل الاحزاب اليمينية وفي مقدمتها الليكود وكان نجم نتنياهو حينها في صعود، لقام (رابين) بتنفيذ تعهداته بل وأسهم في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة (..) خلال السنوات الخمس التي حددها اتفاق «المبادئ» المسمى اتفاق اوسلو وقبل نهاية العام 1999، بما هو الموعد النهائي لقيام الدولة العتيدة, وفق نصوص اتفاق المبادئ، الذي أجاد ايهود باراك عندما وصفه بأنه مليء بالثقوب تماماً كالجبنة السويسرية.

هنا والآن... يريد بعض العرب وخصوصاً الفلسطينيين, تصوير ما حدث قبل يومين عندما تسلّم افيغدور ليبرمان «رسمياً» حقيبة وزارة الحرب الصهيونية, بعد ان أقسم اليمين الدستورية ورفع عدد الأصوات التي يستند اليها الائتلاف الحكومي الفاشي الذي يرأسه نتنياهو الى 66 عضواً (من أصل 120 هم عدد نواب الكنيست) الايحاء بأن الأمور كانت قبل دخول ليبرمان مجلس الوزراء والكابينت على وجه الخصوص، على وشك ان تجري في سلاسة، وأن نتنياهو اقترب كثيراً من اتخاذ قرار تاريخي يشبه ما اقدم عليه رئيس النظام العنصري في جنوب افريقيا دوكليرك اوائل تسعينات القرن الماضي, عندما اطلق نيلسون مانديلا, وفتح الباب واسعاً أمام مصالحة تاريخية مع الاغلبية السوداء»أصحاب الأرض الأصليين» واضعاً حداً لنظام الابارتهايد الذي كان حينذاك, وصل الى نهايته الحتمية ولم يكن ما اتخذه دوكليرك سوى اعتراف – ولو متأخر – بالسيرورة التاريخية.

نسي الذين يذرفون الدموع على «جرعة» التطرف والعنصرية التي اضافها نتنياهو على ائتلافه بإدخال ليبرمان – فيما كانوا هم يعولون على دخول اسحق هيرتسوغ زعيم حزب العمل الذي عزا تراجع نفوذ حزبه في الساحة السياسية والحزبية كونه يدفع ثمن «حبه» للعرب.. كذا بأن الاخير (نتنياهو) هوالذي دفن المبادرة الفرنسية في مهدها, بافتراض جديتها وجدواها, وانه هو الذي يواصل باصرار وصلافة, بناء المزيد من المستوطنات ومصادرة الاراضي وتهويد القدس والتنكيل بفلسطينيي الداخل واعدام المزيد من الشباب والشابات الفلسطينيات بدم بارد ودون خشية من حساب او مساءلة او حتى غضب من السلطة الفلسطينية, التي يدعوها لاستئناف المفاوضات ولكن دون شروط مسبقة كما يُنادي, في الوقت ذاته الذي يقول فيه هو وكل وزرائه والاحزاب المُشاركة في ائتلافه: ان لا شريك فلسطينياً لاسرائيل في المفاوضات.

على هؤلاء الذين يدّعون ان حكومة نتنياهو ازدادت تطرفاً بدخول ليبرمان وحزبه – اسرائيل بيتنا – الى الائتلاف الحاكم, أن يتذكروا حقيقة أن كل المشاركين في ائتلافه (ما عدا حزب شاس) هم اصلاً من قادة وكوادر الليكود, بدءاً من ليبرمان نفسه الذي كان رئيساً لديوان نتنياهو في العام 1996 قبل ان ينشق عنه ويذهب لتأسيس حزب اسرائيل بيتنا, متوسلاً استمالة اليهود الروس الذين يشكّلون كتلة انتخابية ضخمة, رغم اختلاف الظروف الان عما كانت عليه قبل تأسيسه حزبه الفاشي في العام 1999, وايضاً موشيه كحلون الذي يرأس حزب كولانو (اي كلّنا) فكان اصلاً ليكودي متطرف ومؤيد شرس للإستيطان,يرفض تقديم أي «تنازل»في القدس, قبل ان تطرده سارة زوجة نتنياهو ويسارع الاخير الى اخراجه من دائرته المُقرّبة, دون أن ننسى رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت الاكثر فاشية ونهماً استيطانياً والداعي الى ضم مناطق «جيم» الفلسطينية التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية ومنح سكانها (القلائل بالمناسبة) الجنسية الاسرائيلية, فلماذا اذاً تزداد هذه الضجة في وقت أن كلهم «ليكود» لكن اسباب خروجهم منه (الليكود) هو كراهيتهم لنتنياهو او كراهية الاخيرة لهم وتنكيله بهم.

ليس ما حدث ويحدث سوى «تنويع» استعماري إحلالي على نصِّ فاشي عنصري صهيوني واحد.. فلا داعي للحزن أو ذرف الدموع بلا مُبرِّر, سوى محاولة اخفاء العجز وفقدان الارادة.

(الرأي 2016-06-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات