لماذ التحرش بالمعلمين؟

من حق لجنة احياء نقابة المعلمين ان تعتبر قرار وزير التربية والتعليم ابراهيم بدران اول امس باحالة خمسة من نشطاء لجان المعلمين الى الاستيداع عملية "تحرش منظمة" تمارسها الوزارة ضد المعلمين بعد ان بردت جبهتهم خلال الاشهر الماضية.

القرار بحد ذاته احيا الاجتماعات وقد تداعت لجان المعلمين الى اجتماع امس في مجمع النقابات المهنية للرد على"الاستفزاز" الحكومي الذي تمثل باحالة خمسة من قيادات حركة المعلمين الى الاستيداع.

لا شيء يبرر الخطوة الحكومية تجاه المعلمين الذين سبق والتقوا مع نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر وحصلوا على ضمانات بان يتم التعامل مع مطالبهم ضمن سقف القانون لكن المعلمين ولجانهم يشعرون بانهم "اخذوا على حين غرة" حتى لم يتم انتظار عودة الدكتور رجائي المعشر من اجازته وهو الذي يحمل ذلك الملف بل تم التعامل معهم بأسلوب مكشوف وكيدي.

ويقول المعلمون الخمسة المحالون على الاستيداع "عادة ما يتم ذلك بناء على طلب المعلم او المعلمة وقلما تلجأ الوزارة الى الاحالة على الاستيداع الا في حالة تستدعي ذلك" والغريب ان الوزارة اصدرت قرار الاستيداع ومررت اسماء المعلمين القياديين الخمسة ضمن قرار باحالة 15 معلما الى الاستيداع اغلبهم بناء على طلبهم", فهل صحيح ان احالة خمسة معلمين سينقذ عجز الموازنة?

وفي هذه الحالة فان "الاستيداع يكون عقوبة" لكنها هنا جاءت من دون اي لجان تحقيق او عقوبات تأديبية مما يؤكد طابعها الاستفزازي" في الوقت الذي اعلن رئيس الوزراء ان العمل جار بجدية لاخراج قانون اتحاد المعلمين.

ليس من مصلحة الحكومة تسخين جبهة المعلمين واستفزازهم في الوقت الذي لم يعد بأيديهم اي ورقة ضغط نتيجة وجود العطلة المدرسية لكن كل هذا المسلك سيكون له اثر سلبي اذا لم تفكر الوزارة باسلوب اخر في التعامل مع المعلمين ومطالبهم العادلة.

فبدل ان تعاقب الحكومة المخطىء في وزارة التربية والتعليم عن تصرفاته واخطائه ضد المعلمين وضد طلبة امتحان الثانوية العامة /الفصل الاول, نجدها تعود لمعاقبة المعلمين على مطالبهم العادلة وباثر رجعي وباسلوب غير حضاري يهدف الى التضييق المادي عليهم من خلال وقف رواتبهم ورميهم في الشارع وجعلهم يبحثون عن عمل.

ليس سرا القول ان لجان المعلمين في كافة انحاء المملكة قد ابدت في الاونة الاخيرة حرصا وطنيا زائدا في التعامل الايجابي مع الطروحات الحكومية حتى انها استجابت لمطالب الراي العام الاردني بوقف الاعتصامات والعودة الى الهدوء في المدارس قبيل امتحانات طلبة المدارس وطلبة الثانوية العامة لا بل انها عادت للمشاركة في عمليات المراقبة على قاعات امتحان الثانوية العامة وتصحيح دفاتر اجابات الطلبة وهي ما تزال تعمل حتى الان.

وهذه الخطوة من لجان المعلمين كان يفترض ان تقابل بموقف من الحكومة يقدرها ويحترمها لكن يبدو ان ثمة من يحاول ان يبقي النار مستعرة في وجه الحكومة, لذلك لم يكن التقدير صحيحا في وزارة التربية والتعليم عندما نسبت الى الاحالات على الاستيداع.

ان خلاف الحكومة مع المعلمين واسلوب عملهم واصرارهم على مطلب انشاء النقابة ورفضهم لتشكيل اتحاد يجب ان يتم بالحوار والتفاهم من دون ان يتحول الى اسلوب "المكاسرة" والحاق الضرر المادي بهم وباسرهم وقطع ارزاقهم, لان ردة الفعل لن تكون سهلة فالمعلمون وصلتهم الرسالة ويعرفون ان مرور مثل تلك القرارت من دون تصعيد يعني ان "الثور الأسود سيلحق بأخيه الابيض", فهل هناك مصلحة لان ياكل احدنا الاخر .

( العرب اليوم )