تقدم محدود في الموازنة

تدل أرقام الموازنة للشهور الخمسة الأولى من هذه السنة على قدر من التقدم بالمقارنة مع ما كانت عليه في نفس الفترة من السنة السابقة ، ولكن ليس إلى الدرجة التي تلبي الطموحات المعقودة على عملية الإصلاح المالي والوعي الحكومي الجديد بأهمية علاج مشكلة العجز وعدم ترحيل الأزمة.
يدل على التقدم أن العجز المالي خلال الشهور الخمسة الأولى نقص عما كان عليه في نفس الفترة من السنة الماضية ، لكن ذلك يعود لتخفيض النفقات الرأسمالية ، مع السماح للنفقات الجارية بالارتفاع ولو بنسبة بسيطة.
إذا كان هناك نمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية يناهز 2ر6% فلماذا انخفضت الإيرادات المحلية بنسبة تقارب 1%؟ وإذا كانت الإيرادات المحلية في انخفاض ، مهما كان طفيفاً ، فلماذا تكون النفقات الجارية في ارتفاع مهما كان طفيفاً.
دعونا نلتمس العذر بالقول أن برنامج الإصلاح المالي الوطني والإجراءات التي صاحبته قد تقررت مؤخراً ، فلا بد من الانتظار حتى تأخذ مجراها وتنعكس على الوضع المالي ، بشكل تحسن ملموس لا يعتمد كلياً على انخفاض النفقات الرأسمالية الذي يعني قراراً سهلاً بتأجيل المشروعات ، بل على تحسن في الإيرادات المحلية وضبط النفقات الجارية.
ليس من الضروري أن نقف طويلاً عند ارتفاع أو انخفاض الدين العـام ، فهو نتيجة مباشرة لعجز الموازنة الذي يقول وزير المالية إنه سيكون هذه السنة في حدود مليار دينار ، يضاف إلى المديونية فترتفع بالأرقام المطلقة.
هناك إشكالية فنية في نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي لنجد أن هذه النسبة انخفضت في يوم 1/1/2010 من 4ر59% إلى 54% لمجرد أننا أصبحنا ننسبها إلى تقديرات الناتج المحلي الإجمالي كما ستكون في نهاية السنة الجديدة ، وهو انخفاض شكلي ، ويجب أن تظل المديونية منسوبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في سنة سابقة لا في سنة قادمة.
وزير المالية يطل على الرأي العام بتصريحات صحفية يومية تقريباً ، وهي ُسنة حميدة تعني أن لديه ما يقوله ، وأنه يطالب الرأي العام بمتابعة الشأن المالي ودعم عملية الإصلاح المعلنة.
نعلق آمالاً كبيرة على الإصلاح المالي كما سوف تعكسه الموازنة ، طالما أن وزارة المالية تتمتع بدعم رئيس الوزراء وتخضع نتائجها لمراجعته أولاً بأول ، باعتبار أن علاج المشكلة المالية يقع على رأس جدول أعماله.(الرأي)