أميري : لغز «الغيبة» وطلاسم «الظهور»

تم نشره الخميس 15 تمّوز / يوليو 2010 03:41 صباحاً
أميري : لغز «الغيبة» وطلاسم «الظهور»
عريب الرنتاوي

قد لا نعرف أبداً ما الذي حصل مع عالم الفيزياء والنظائر المشعّة الإيراني شهرام أميري ، لا كيف وصل إلى الولايات المتحدة وعن أي طريق ، طائعاً أم مُكرهاً ، ولا كيف عاد إلى بلاده ، بملء إرادته أو رغماً عن أنفه ، ولا عن الصفقة التي تفوح رائحتها في سماء العلاقات الثنائية بين البلدين الخصمين ، ولا عن الأطراف "الثالثة" التي نسقت وساعدت وسلمت واختطفت وتوسطت إلى غير ما هنالك.

كل ما نعرفه أن أن العالم الإيراني كان في زيارة عمرة لمكة المكرمة ، وقد دخل إليها متنكراً بجواز سفر يحمل اسم "حجي أميري" لحجب هويته الأصلية ، وأن الرجل اختفى بعد ذلك من دون أن يترك أثراً ، إلى أن بثت طهران أشرطة مسجلة له حوت معلومات متناقضة عن أسباب وجوده في الولايات المتحدة ، قال في أحدها أنه تعرض للاختطاف ولم يشر لذلك في الشريط الثاني.

الرواية الأمريكية حول وجود أميري على الأرض الأمريكي - جاء بملء إرادته ويغادر بملء إرادته - ليست مقنعة لأحد ، وهي من نوع وركاكة الرويات التي تروّجها الأنظمة البوليسية في العالم الثالث عادة ، إذ كيف لرجل بهذا الوزن والموقع أن يأتي إلى الولايات المتحدة وأن يعيش في مكان مجهول فيها ، ليجد نفسه ذات صباح مبكر بعد 14 شهراً ، أمام مكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن عائدا إلى وطنه ، أين إجراءات الأمن والفيزا والصفقات التي تبرم في مثل هذه الظروف ، لماذا التستر على وجوده في الولايات المتحدة طوال هذه المدة ، ومن أين جاءها وعبر أي مطار أو منفذ حدودوي ، وبالتعاون مع من ، ولماذا يربط الناطقون باسم الإدارة الأمريكية عودت أميري بتحرير المحتجزين الأمريكيين الثلاثة في إيران؟.

أما الرواية الإيرانية ، فلا تقل تهافتاً عن الرواية الأمريكية ، فكيف لرجل مختطف أن يصور أشرطة فيديو يجري بثها على شاشة التلفزيون الإيراني مرتين ، وكيف لكنز مختطف بهذا الوزن أن يتصل بجمهور على شبكة الانترنت ، وأية أوراق تلك التي لعبت بها أو لوّحت بها طهران حتى استطاعت إرغام الولايات المتحدة على إطلاى سراح شهرام أميري ، وما هي المعلومات التي ستشكف عن إيران في قادمات الأيام ، والتي حسب الزعم الإيراني ، تثبت تفوق الاستخبارات الإيرانية على نظيرتها الأمريكية؟،.

لو كان أميري مختطفاً أثناء تأدية مناسك العمرة ، لما أمكن لأحد أن يسجل له أشرطة فيديو أو يمكنه من الدخول على شبكة الانترنيت ، ولتعذر على إيران اللعب بكل "البراهين" التي تقول أنها قدمتها للأمم المتحدة ، وللولايات المتحدة - عبر القنوات الخاصة - ولو كان الرجل قد غادر إلى بلاد العم طوعاً كما كان يفعل بعض العلماء السوفييت زمن الحرب الباردة ، لما تطوّع بالعودة إلى بلاده بعد عام تقريباً ، ولما أعدت له بلاده استقبالا يليق بأبطالها الفاتحين.

قد يكون أميري اختطف وتعاون مع محققي الاستخبارات كما قيل ذات يوم في الأنباء ، وقد يكون سُلّم إلى بلاده تسليماً ، بالضد من إرادته ، وفي صفقة لتبادل المعتقلين والمختطفين ، وقد يكون بتصريحاته عن "فشل الاستخبارات الأمريكية" وانتصار استخبارات بلاده ، يريد تفادي أسوأ السيناريوهات ، وقد يكون أميري اختطف ولم يتعاون ، وبات بقاؤه بعد 14 شهرا عبئا على خاطفيه وليس ذخرا لهم ، وقد يكون هؤلاء فضلوا "الإتجار" به لتحرير رعايا لهم في إيران على الاحتفاظ به ، بعد أن فقد قيمته.

وقد يكون أمريكيا غادر طواعية ولقي ترحيبا كبيرا ظنا من مستقبليه بأن لديه كنزا من المعلومات ، وبعد أن تبين أن الرجل لا يحظى بكل هذه القيمة الفائضة ، تعرض للترك والإهمال ، فما كان منه إلا أن قلب "الاسطوانة" وأخذ يبعث بشرائط فيديو ورسائل عبر الانترنيت ، ويتحدث عن "مسلحين وخاطفين" لكأنه في الصومال وليس في الولايات المتحدة ، وقد يكون الاستلام والتسليم والمقايضة قد جاءت لمصلحة الأطراف الثلاثة: إيران الباحثة عن نصر ، والولايات المتحدة المتطلعة لاسترداد مواطنيها ، وأميري الذي قد يكون اقتنع أخيراً ، بأنه يمكن لنبي أن تكون له كرامة في بلاده.

لا ندري ، فنحن أمام واحدة من الألغاز الاستخبارية العصية على الفك والتركيب... نحن أمام روايات تعاني جميعها ثقوباً سوداء كبيرة.... نحن أمام سيناريوهات لا أحد منها مكتمل أو شديد الإقناع ، وفي ظني أن كشف ملابسات اختفاء وظهور أميري ، قد تفكك بعض طلاسم اختفاء علي رضا أصغري أحد قادة الحرس الثوري وأحد نواب وزير الدفاع من تركيا ، ونصر الله طاجيك الدبلوماسي الإيراني في لندن ، وأردبيلي المعتقل في جورجيا ، وربما كثيرون غيرهم ممن لم نعرف حتى الآن
.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات