اقتصاديات المونديال

تنافس شديد بين الدول على استضافة مباريات كأس العالم ، المكاسب معنوية والتكاليف مادية باهظة.
عندما اختارت الفيفا جنوب إفريقيا لهذه السنة كانت تقصد تأكيد الطابع العالمي للمونديال ، فهذه أول مرة ينعقد فيها في القارة السمراء ، ولكن ليس قبل التأكد من القدرات المالية والإدارية للدولة المضيفة.
البنية التحتية التي أقامتها جنوب إفريقيا كدولة مضيفة كلفتها 4 مليارات من الدولارات ، وهي تزيد كثيراً عن الحاجات المستمرة للبلاد ، وهناك تكاليف إدارية ليس أقلها توفير عشرات الآلاف من رجال الأمن ، وتكاليف اجتماعية مثل اعتقال جميع المتسولين والمشردين من شوارع المدن كي لا ينزعج الزوار من مناظرهم ، ووضعهم في معسكرات قد لا تكون ظروفها إنسانية.
التأثير الاقتصادي العالمي للمونديال سلبي ، فهناك هبوط عام في الإنتاجية ، ففي البرازيل مثلاً كانت البنوك والمدارس تغلق أبوابها أيام مباريات المنتخب البرازيلي ، وبشكل عام قدرت الخسائر الاقتصادية للدول المشاركة في المونديال مثل البرازيل وألمانيا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا بحوالي 2ر10 مليار دولار ، وليس هناك تقديرات لخسائر الدول غير المشاركة.
يضاف إلى ذلك ما دفعته شبكات التلفزيون لشراء حق بث المباريات، وما دفعه المواطنون ثمناً لبطاقات فك التشفير ، ومن الصعوبة بمكان حساب كلفة الوقت الذي كان يمضيه مئات ملايين البشر حول العالم في مراقبة المباريات.
في معظم الحالات كان الفرق بين الغالب والمغلوب ضربة حظ ، فالفرص متعـددة وكان عدم إهـدار بعضها كافيا لتحويل المغلـوب إلى غالب. وليس أدل على ذلك من أن إسبانيا ُهزمت في أول مبارياتها في الدور الأول ثم انتهـت بكأس العالم.
جمال كرة القدم يتمثل في ديمقراطيتها ، فهناك مساواة بين الصغير والكبير ، والفقير والغني ، لدرجة أن دولة متخلفة صغيرة وفقيرة مثل غانا تهزم أقوى دولة في العالم. وبالرغم من الحماس الشديد ، فإن الغالب والمغلوب ينتهيان بالمصافحة والعناق ، ويضربان المثل في الروح الرياضية.
من سوء الحظ أن دورنا في المونديال ، مثل دورنا في الحياة الدولية العامة ، دور المتفرج الذي ينحاز لهذا أو يتحمس لذاك ، ولكنه لا يستطيع أن يؤثر في مجرى الأحداث.
( الراي )