الاباء والاجداد يستعيدون ذكريات الشباب ويحنون الى ايام ( العونة )
المدينة نيوز- يستعيد الاباء والاجداد سني شبابهم الجميلة قبل اكثر من خمسة عقود خلت ، حيث مواسم الحصاد والقطاف الجماعي (العونة ) لتسود المحبة والتالف والايثار رغم شظف الحياة وقساوتها ، وقلة ذات اليد وانعدام الامكانيات.
كما يستعيدون ذكريات الماضي الجميل حيث الطبيعة البكر وينابع المياه المتدفقة وتنوع الغطاء النباتي والحيواني وانعدام ملوثات العصر ومنغصاته المختلفة.
"كانت الحياة هادئة والطبيعة جميلة ، ولا يفكر احدنا الا برضا ربه والحصول على قوت يومه" ، هذا ما يقوله الثمانيني الحاج محمد.
ويضيف "كنا نحرث الارض على الدواب (الفدادين ) وغالبا ما نستخدم البقر والبغال، حيث نضع الة الحراثة (العدة) والمؤلفة من ثلاث قطع هي: (النير وهي قطعة خشبية يبلغ طولها المترين يُربط طرفاها على رقبتي الدابتين ، و(العود) الذي يربط منتصف (النير) بـ (السكة ) ، وغالبا ما يتعاون على حراثة قطعة الارض الواحدة مجموعة من ابناء البلدة الى حين اكتمال موسم الحراثة ليبدأ موسم (التعشيب ) ومن ثم موسم الحصاد الذي تتجلى فيه صور المحبة والتعاون المتمثلة بجمع الدواب وربطها مع بعضها ( قرن ) على (البيدر) لتتحرك بشكل دائري حول دابة بطيئة الحركة تسمى ( الرابوط ) الى حين فرز الحبوب " ويقول ان ما يزيد البركة في المحصول أن يقوم أحدنا قبل تعبئة الحنطة باخراج ( صاع الخليل ) من رأس( العُرمة ) كصدقة الى احد الفقراء او الى أفراد العائلة ليقوموا بشراء مواد غذائية ( مجلد ) تمر أو ( قصة ) حلاوة لتكتمل فرحة العائلة بانتهاء موسم الحصاد .
أما طريقة حفظ الحنطة لتبقى صالحة للاستخدام للعام المقبل فيشير الحاج محمد الى تهيئة امكنة خاصة لحفظها في المنازل القديمة ( الدُور ) وهي ( الروايا ) مفردها (راوية ) وهي مكان مرتفع يتصل بسطح المنزل تعلوه فتحة خاصة لتفريغ الحنطة ، كما يوجد في احدى زوايا المنزل مكان مخصص لحفظ (التبن ) ويسمى (المتبن ) .
أما موسم قطف الزيتون الذي يأتي مباشرة بعد موسم الحصاد فله ذكرياته الجميلة .
فبعد انقضاء موسم الحصاد وحفظ (الغلة) وانتقال الناس من مناطق الحصاد الى مزارعهم حيث الماء والخضرة كما تقول ( أم نايف ) السبعينية ، واصفة موسم القطاف بانه أجمل الفصول وأروعها حيث تجتمع العائلات حول ينابيع المياه التي تحفها بساتين التين والعنب والزيتون لتبدأ عملية قطف الزيتون المعمر ( الروماني ).
ولاستعجال عملية العصر والحصول على كمية من الزيت (عجاله ) قبل عملية العصر الرئيسة تقول أم نايف انها تقوم بدراسة الناضج من الزيتون ( البذار ) باستخدام ( النقر ) وهو تجويف في سطح حجر منبسط ، وتقوم بتفتييت ( هرس ) الثمار بواسطة حجر بيضاوي الشكل داخل ( النقر )ثم جمعه وعصره بيديها باضافة الماء الساخن لتحصل على زيت نقي له مذاقه الخاص.
أم نايف ما زالت تحن الى مواسم القطاف ولكنها لاتستطيع اخفاء حزنها على ما فعلته ايادي البشر من الحاق الاذى بمزارع الزيتون القديمة التي اصبحت جذوعا جافة تتحدث عن زمن المحبة والايثار والعمل الجماعي.(بترا)
