تهميش قضية الاحتلال

في محاضرته القيمة بمركز الرأي للدراسات حول تركيا ودورها الجديد في الشرق الأوسط ، توقف الدكتور معروف البخيت عند نقطة جوهرية هي ظاهرة تهميش القضايا الأساسية عمداً ، والانتقال إلى مجموعة قضايا هامشية ، ينشغل بها الرأي العام على حساب القضية الجوهرية.
القضية الأساسية هي الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع ، منذ أكثر من 43 عاماً ، والمطلوب إسرائيلياً هو تحويل النظر عن هذا الموضوع الذي يحرجها ، وإشغال وسائل الإعلام والرأي العام العربي والعالمي بقضايا هامشية.
لا نجد في الأخبار اليوم الشيء الكثير عن الاحتلال الإسرائيلي ووجوب إنهائه ، فالناس مشغولون بالحصار المفروض على قطاع غزة ، وما حدث لأسطول الحرية الذي أراد كسر الحصار مع أن وصوله إلى غزة ما كان ليغير شيئاً ، أما نشرات الأخبار فهي طافحة بالقضايا الجانبية مثل ارتياح الرئيس الأميركي لإعلان إسرائيل عن قرب تخفيف الحصار ، إصدار قوائم بالسلع المسموح بدخولها إلى القطاع وتلك الممنوعة ، والسلع ذات الاستخدام المزدوج ، وما إذا كان معبر رفح مفتوحاً أم لا ، وهل سمحت إسرائيل بإدخال شحنة بترول لتشغيل محطة الكهرباء. بل إن تبادل الأسرى و(تحرير) شاليط من الأسر أصبح قضية عالمية أهم من تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال ، وكل هذا على حساب إسدال الستار على الموضوع الأساسي وإعادة توجيه الاهتمام بعيداً عن الاحتلال وحل الدولتين.
قضية الشعب الفلسطيني قضية وطنية وسياسية ، وليست قضية إنسانية ، وعلاجها إنهاء الاحتلال وليس تسهيل التنقل وتوفير الطحين والدواء. وإذا كانت القضية قضية إيصال مواد الإغاثة لشعب غزة فإن طريق عمان-غزة مفتوحة ، وعشرات القوافل تسير يومياً دون أن يرافقها مندوبو الفضائيات التي ترسل مندوبيها ومصوريها للمشاركة في سفن كسر الحصار وإبقاء من يهمهم الأمر على إطلاع أولاً بأول على تفاصيل الرحلة والركاب والحمولة.
تهميش القضية الأساسية عن طريق اختلاق مسائل فرعية وتسليط الأضواء عليها عملية يتم التخطيط لها بوعي من جانب ، وتنطلي اللعبة على الجانب الآخر فيمارسها عن سذاجة وحسن نية.
( الراي )