الجحيم القادم

تم نشره الإثنين 19 تمّوز / يوليو 2010 05:38 صباحاً
الجحيم القادم
خيري منصور

اذا صدقت توقعات العلماء وأهل الاختصاص في الجغرافيا وتحولات المناخ ، فإن الانسان أصبح قاب عقدين أو أدنى من الجحيم ، والأرجح أن ما يصدر عن هؤلاء ليس مجرد تنبؤات أو قراءة في الفناجين ، لأنهم علماء أولا وليسوا عرافين وثمة من القرائن يفرض علينا تصديق ما يقولون ، بدءا من حرارة هذا الصيف التي تجاوزت الستين درجة مئوية في بعض الأقطار العربية وليس انتهاء بالجفاف والتهديد المتواصل بالتصحر وتحول الارض التي كانت ذات يوم سوداء من شدة الاخضرار الى أرض يباب،.

فماذا أعد الموعودون بالجحيم لمواجهة ناره وجمره الذي بدأ وهجه القادم من بعيد يلفح جباههم؟ والاجابة ليست منوطة بنا نحن الذين لا حول لنا ولا قوة سوى أن نتبع أجسادنا نحو البرودة كالقطط حتى لو كانت هذه البرودة متسربة من شقوق الأبواب.

ما نحتاج اليه من أهل الاختصاص هو الخروج من العناوين الكبرى ، والحديث بالجملة عن الجحيم القادم.

لأن الناس يتوقف خوفهم عند حرارة الجو ومدى قدرة أجسادهم على تحملها ، أما كل ما سيحدث للحيوانات والنباتات ومناحي الحياة فهو خارج نطاق هذا الخوف ، وان كانت الطبيعة كالقانون لا ترحم من يجهلون تقلباتها واحيانا انتقامها ممن انتهكوها حتى النخاع ، وحين يقال ان نسبة ثاني اكسيد الكربون ارتفعت %27 بسبب زفير المصانع ، فان الفضاء يصبح بعد افساد اكثر من خمسه خانقا وملوثا وتشع فيه نسبة الاكسجين بحيث تصبح الحياة والاحياء في خطر ، والشعوب التي حكم عليها أن تعيش اقتصاديا وسياسيا حياة موسمية ، ولا تملك أية استراتيجية ، محرومة الآن من الوعي اللائق بهذه الاخطار المناخية ، وقدر تعلق الأمر بالعرب فان الخطر مضاعف ، لأن مصادر ومنابع مياههم من خارج الحدود الاقليمية لأقطارهم ، والظمأ يتهدد مستقبلهم مثلما يتهدد الحيوانات والنبات ، فهل سيعودون بعد كل هذه الرفاهية الكاذبة والاستعراضية التي حولتهم الى رهائن للبحث مجددا عن الكلأ والماء في صحارى ناشفة؟.

يكفي ان نتذكر مثالين هما النيل والفرات وما يهددهما من سدود تحول دون وصول ما يكفي لغسل ميت ، او وضوء ، وكان الشاعر الراحل محمد الماغوط قد كتب قصيدة قبل نصف قرن توجه بها الى بردى الذي كان يوما أحد الانهار السبعة التي تسقي غوطة دمشق قائلا له.. بردى أيها الألثغ الصغير ، يا من بددناك على الغرغرة ، ودعاه الماغوط ليقابله في مكتبه القائم على سطح غيمة ، لكنها غيمة تمردت على أمر هارون الرشيد ومضت خارج هذه السماء. ان العرب في حروبهم مع اعدائهم لم يعدوا ما استطاعوا من رباط الخيل أو أي رباط آخر ، بل أعدوا ما استطاعوا من خيام لمن أسموهم لاجئين ونازحين وأخيرا عالقين ، فهل سيعدون لحروب الماء والتصحر والظمأ غير هذا السجال العقيم؟ فلم يعد لديهم إبل يبقرون بطونها كي يشربوا في عز القيظ ، والصحراء لم تعد صحراء بعد كل هذا التدجين العسكري والاستشراق المسلح،.

ان من يقرعون الأجراس منذرين بالظمأ القادم والجحيم ليسوا منجمين لنقول بأنهم كذبوا حتى ولو صدقوا.

 ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات