"نأكل أو لا نأكل".. إليكم الحقيقة الكاملة للمواد المعدّلة وراثياً

المدينة نيوز :- هل تساءلتم يوماً عن مصادر المأكولات التي تشترونها، والمكوّنات الموجودة بداخلها؟ قد لا تفكّرون في أنّ الحبوب التي يستخدمها المزارع تنتمي إلى فئة الـ"GMO" ـ Genetically Modified Organism أي تكون معدّلة وراثياً أو جينياً في المختبر قبل زرعها. ما هي هذه المواد بالتحديد، وهل يمكن إعتبارها آمنة؟أكّدت إختصاصية التغذية، كريستال بدروسيان لـ"الجمهورية" أنّ "هناك إحتمالاً كبيراً بأن تكون المأكولات التي تستهلكونها معدّلة وراثياً، خصوصاً أنّ الإحصاءات أظهرت أنّ نحو 80 في المئة من الأطعمة المصنّعة في أميركا وحدها هي معدّلة وراثياً.
عالمياً، الأكل الناتج عن الحيوان الذي حصل على مواد معدّلة وراثياً يتعرّض بدوره لتعديل وراثي. تقريباً 70 إلى 90 في المئة من الحيوانات في أميركا تحصل على حبوب الذرة وفول الصويا المعدّلة وراثياً".
ولفتت إلى أنّ "تربية الحيوانات في أميركا وحدها تعطي 9 بلايين من الأغذية الحيوانية المنتجة، وتقريباً أكثر من 95 في المئة منها تحصل على مواد معدّلة وراثياً. علماً أنّ هذه الأرقام تتشابه أيضاً في البرازيل والأرجنتين اللذين يملكان قطاعاً زراعياً كبيراً".
وأوضحت أنّ "المواد المعدّلة وراثياً عبارة عن نباتات، أو حيوانات، أو كائنات دقيقة تمّ تغيير حمضها النووي من خلال الجمع بين أمرين في الوقت نفسه. تُتيح هذه التقنية التي بدأت منذ عام 1994 وأُجريت خصوصاً على النباتات، تغيير جينات حبوب معيّنة لتتمتع بخصائص لا تملكها تكون متوافرة في حبوب أخرى. يأخذ العلماء نوعاً من النبات، فيغيّرون تركيبته عند إضافة حمض نووي إليه من نبات آخر أو بكتيريا أو فيروس.
بهذه الطريقة، فإنّ النبات الأصلي سيَملك خصائص جديدة، فيصبح مثلاً أكثر مقاومة للأمراض أو الحشرات، أو يتعدّل مذاقه ويتمّ إطالة مدّة صلاحيته».
نقاطها الإيجابية
وأضافت أنّ «هذا التعديل الجيني الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) هدفه تسريع الزرع، والحصاد، والكمية المُنتجة. بدلاً من أن يستغرق الأمر سنوات لحصاد كمية كبيرة من نبات معيّن، يمكن زرع أجيال عديدة خلال عام واحد، خصوصاً وأنه يمكن التحكّم بالظروف في المختبرات، كمعدل الحرارة، والرطوبة، وغيرهما من العوامل الرئيسة في الزراعة".
وتحدّثت بدروسيان عن إيجابيات الأطعمة المعدّلة وراثياً، ولعلّ أبرز أنواعها الذرة والشمندر والكانولا والصويا، فقالت إنها "تستطيع مقاومة أحوال الطقس، ويتمّ إنتاجها بطريقة أسهل وحصاد كمية أكبر منها لتصبح أقلّ كلفة، وتنضج ببطء أكثر وبالتالي يمكن الإستفادة من الوقت أثناء إنتقالها من منطقة إلى أخرى، وتُتلف بنسبة أقلّ، وتحتاج إلى مبيدات حشرية أقلّ لأنّ جيناتها تملك القدرة على تحمّل نوع من الحشرات، وتلتقط أمراضاً أقلّ من الحشرات والفيروسات. ناهيك عن أنه بات بالإمكان إنتاج نبات يحتوي نسبة أعلى من الفيتامينات والمعادن والمنافع الصحّية.
على سبيل المثال نذكر الـ"Golden Rice"، وهو عبارة عن أرزّ معدل وراثياً يحتوي كمية عالية من مادة البيتا كاروتين المضادة للأكسدة المفيدة للبشرة والعين. كذلك يمكن لهذه الأطعمة أن تساعد على محاربة سوء التغذية في بلدان كثيرة".
هل من مخاطر أكيدة؟
هل يمكن إذاً إعتبارهذه المواد آمنة؟ "حتّى هذه اللحظة، تمكّنت المنتجات المعدّلة وراثياً الموجودة في السوق الدولي من النجاح في تقييم سلامة الغذاء الذي تجريه السلطة الوطنية، ويكون مبنياً على ما يُعرف بالـ"Codex Documents" التي هي عبارة عن مبادئ وُضعت لتحليل ما إذا كانت إحدى المواد تملك مخاطر على الإنسان".
وتابعت حديثها: "حتى الآن لا أبحاث علمية تُظهر أيّ تأثيرات صحّية سلبيّة على الأشخاص الذين تناولوا هذه الحيوانات التي زُوِّدت بمواد معدّلة وراثياً، كما أنّ لا فارق حتّى الآن في ملفات الحيوانات التي تناولت أطعمة معدّلة وراثياً ونظيراتها التي حصلت على مواد طبيعية.
لكن لا بدّ من الوقوف عند نتيجة سلبية واحدة توصّلت إليها دراسة ترأسها الباحث الفرنسي جيل إيريك الذي حلّل وفريقه تأثير تناول الذرة في الفئران لمدة عامين.
تبيّن أنّ المجموعة التي إستهلكت ذرة معدّلة وراثياً أُصيبت بأورام أكثر مقارنةً بنظيراتها التي لم تحصل على هذه المواد. فضلاً عن أنّ أكثر من 50 في المئة من الذكور و70 في المئة من الإناث توفوا في وقت مُبكر، في مقابل 20 و30 في المئة لدى المجموعة الأخرى".
وشدّدت على أنّ "عدم إيجاد إنعكاسات سلبية تُذكر لا يعني إطلاقاً أنّ هذه المواد ليست خطرة. وفق العلماء، إنّ الأبحاث التي أجريت حتى الآن غير كافية لمعرفة تأثير المواد المعدّلة وراثياً في المدى الطويل".
يبقى أخيراً أن تعلموا كيف تدركون أنّ ما تستهلكونه ليس معدّلاً وراثياً؟ أجابت بدروسيان: "إذا كنتم تحصلون على أطعمة طازجة أو مصنّعة ولكن دُوِّنت عليها عبارة "غير معدّلة وراثياً"، أو تحرصون على شراء مأكولات عضوية، عندها تتأكّدون أنكم لا تحصلون على منتجات معدّلة.
في الصين، وأوستراليا، والإتحاد الأوروبي يُفرض عادةً على الشركات التي تصنّع أغذية معدّلة وراثياً تدوين ذلك على أغلفة منتجاتها. أما في أميركا وكندا فهذا الأمر ليس ضرورياً، ويُترك القرار للمصانع كي يعلم المستهلك ماذا يأكل".
وأشارت إلى أنه "حتى عند وضع عبارة" خالٍ من المواد المعدّلة وراثياً» فهذا لا يؤكّد ذلك 100 في المئة في ظلّ عدم وجود قانون يراقب مدى صحّة هذه الأغلفة، وبالتالي فإنّ هذا الموضوع يشكّل حتّى هذه اللحظة تحدّياً كبيراً لا بدّ من إيجاد حلول فعّالة له".