فشل على كل صعيد ونجاح في التنسيق الأمني!!

في الجيش الإسرائيلي يفكرون جديا بإلغاء الحظر على دخول المواطنين الإسرائيليين إلى مناطق (أ) في الضفة الغربية ، والتي يفترض أن السلطة تسيطر عليها من الناحية الأمنية ، خلافا لمناطق (ب) و(ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية ، ويأتي ذلك على خلفية التحسن المثير في مستوى التنسيق الأمني ، والذي يقول المسؤولون الصهاينة إنه الأفضل منذ إنشاء السلطة.
منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 مُنع المواطنون الإسرائيليون من دخول مناطق السلطة ، وذلك خشية "تعرضهم للأذى" من قبل رجال المقاومة ، لكن القرار اليوم بات قيد الدراسة ، لا سيما أن الطرف الفلسطيني لا يمانع تغييره من زاوية أن الأمر سيساهم في تحسين المستوى الاقتصادي لمناطقها ، كما سيساهم بدرجة ما بتأكيد سيطرتها الأمنية في مناطقها ، وإمكانية مدّها إلى مناطق (ب) و (ج).
السلطة تثق بقدرات أجهزتها ، في ذات الوقت الذي تزداد الثقة فيها من الطرف الإسرائيلي الذي يراقب عملها بعناية ، كما يحصل على تقارير جيدة من قبل الجنرال دايتون الذي غادر عمله مخليا المكان لزميله الجنرال مايكل مولر.
ضمن سلسلة الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الإسرائيليون للمدن الفلسطينية وكان آخرها زيارة رئيس "الشاباك" يوفال ديسكن لمدينتي رام الله وجنين ، زار آفي مزراحي ، قائد ما يعرف بالمنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي مدينة أريحا يوم الخميس الماضي ، ويُتوقع بناء على الزيارة أن يوصي بالموافقة على خطوة السماح بدخول المواطنين الإسرائيليين لمناطق (أ).
أثناء الزيارة التي شاركه فيها مسؤولان آخران ، شاهد مزراحي استعراضا لقدرات الأجهزة في مجال حراسة الشخصيات ، والسيطرة على مسلحين ، وحماية قافلة شخصيات من عملية إطلاق نار من قبل سيارة متحركة ، وكان أن دعا مزراحي مضيفيه إلى حضور تدريب مشابه في قيادة المنطقة الوسطى ، ربما لكي يبدو الأمر متكافئا بين الطرفين ، وربما لكي يستفيد أصحابنا من الخبرة الإسرائيلية في المجال الأمني.
من المؤكد أننا إزاء وضع بالغ الإثارة ، فيما يبدو أن مسؤولي السلطة قد أخذوا يطمئنون إلى مسار إعادة تشكيل وعي المواطن الفلسطيني الذي اختطوه منذ سنوات (معادلة العيش والرفاه بدل التحرير) ، إضافة إلى اطمئنانهم إلى قدراتهم الأمنية مقابل شطب قدرات قوى المقاومة في الضفة ، وإلا لما فكروا في تمرير خطوة من هذا النوع ، أعني دخول مواطنين إسرائيليين لمناطق (أ) ، فضلا عن (ب) ، ممن سيكون بينهم دون شك عسكريون في إجازاتهم ، فضلا عن جنود احتياط من كل الفئات.
حدث ذلك أيضا وقبل كل شيء ، بسبب الطمأنينة التي يعيشونها حيال عناصر أجهزتهم الأمنية ، والتي لا يمكن لأي عنصر منها (ندعو الله أن تكون هناك استثناءات) أن يفكر في التحول إلى مقاوم في لحظة ما يتذكر خلالها أن هؤلاء الذين يتجولون في شوارع مدينته هم قتلة لطخت أيديهم بدماء أهله وإخوته ، نتذكر بالطبع أن هذا "الإنجاز" ، ونسميه إنجازا من باب السخرية لأنهم يعتقدون أنه كذلك ، نتذكر أنه تحقق بعد استهداف غير مسبوق لكل ما له علاقة بالمقاومة من ناحية الفكر والتنظير ، فضلا عن التخطيط والتنفيذ ، وما هؤلاء الرجال الذي يُفرج عنهم من سجون الاحتلال بعد قضاء سنوات طويلة في الأسر ، ولا يلبثون بعد ساعات أو أيام في أحسن تقدير ، أن يتحولوا إلى معتقلين في سجون السلطة ، ما هؤلاء سوى دليل على هذا الوضع الغارق في البؤس الذي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية (أفضى التنسيق الأمني المحموم إلى اعتقال خلية حماس التي نفذت عملية الخليل البطولية منتصف الشهر الماضي ، رغم أن الحركة لم تعلن المسؤولية عنها).
أي مستنقع يغرق فيه الواقع الفلسطيني في ظل هؤلاء الذي لا تعدم من يطالب بالمصالحة معهم على برنامج هذه هي حيثياته ، بينما يعلم الجميع حقيقة مسلسل الاستيطان وتهويد القدس والاعتقالات اليومية ، وكذلك حقيقة الطروحات الإسرائيلية على صعيد التسوية ، والتي يُراد إقناع الناس بأن بالإمكان تغييرها عبر إحراج نتنياهو أمام المجتمع الدولي.
ويبقى القول إننا واثقون من أن هذا الشعب لن يركن إلى هذا الوضع إلى أمد طويل حتى لو اضطرته الظروف القاهرة للانحناء أمامه لبعض الوقت.
الدستور