التطرف.. الأنسنة والعقلنة!

تم نشره الجمعة 22nd تمّوز / يوليو 2016 12:24 صباحاً
التطرف.. الأنسنة والعقلنة!
محمد أبو رمان

يحلل الباحث الكندي، مغربي الأصل، عبدالقادر الفيلالي، في ورقةٍ بحثية له، المقاربة المغربية المتّبعة في مواجهة الإرهاب، ويربطها بدرجة كبيرة برؤية مدير مراقبة التراب الوطني عبداللطيف الحموشي، الذي يترأس الدائرة المعنية بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وغسل العملة، وكل ما يمس الأمن الوطني المغربي. ثم أضاف إليه العاهل المغربي مسؤولية إدارة مديرية الأمن الوطني المعنية بالقضايا الأمنية اليومية، قبل قرابة عام من الآن.

الحموشي عُيّن على رأس مديرية مراقبة التراب الوطني في العام 2005؛ أي بعد تفجيرات الدار البيضاء. وقام بإعادة هيكلة بنيوية للمقاربة المغاربية؛ إذ نجح المغرب في احتواء التيار "السلفي الجهادي"، مقارنة بما يحدث في شمال أفريقيا. ويشير الفيلالي إلى ثلاث ركائز أساسية:

الركيزة الأولى، ترتبط بطبيعة النظام السياسي المغربي. ومن الميزات التي ساعدت النظام هناك، قدرته على تنظيم "الحقل الديني"، واهتمامه الشديد بهذا المجال، عبر المساجد والمؤسسات الدينية ومؤسسات الفتوى الشرعية.

الركيزة الثانية، ويعود الفضل فيها إلى الحموشي، وفقاً للباحث الفيلالي، تتمثل في أنسنة التعامل مع التيار السلفي الجهادي، وفتح باب الحوار والاحتواء، بدلاً من الاقتصار على خيار المواجهة الأمنية والمسار القانوني والقضائي. وهي المقاربة التي نجحت -كما هي الحال في تجارب عربية أخرى- في قيام قيادات في التيار السلفي الجهادي هناك بمراجعات عميقة، مثل محمد الفزازي وحسن الكتاني وأبي حفص وغيرهم؛ فتم إطلاق سراحهم مع عدد كبير من أبناء التيار.

وميزة التجربة المغربية أنّها لم تتوقف عند حدود المراجعات، بل عملت السلطات على إعادة إدماج قيادات التيار وعناصره في الحياة العامة، حتى إنّ الملك محمد السادس نفسه حضر قبل قرابة عامين خطبة لأحد رموز السلفية الجهادية هناك، هو محمد الفزازي، في مسجد طارق بن زياد في مدينة طنجة.

التجربة المغاربية في التعامل مع المعارضة المتطرفة تعمد إلى سياسة الباب المفتوح دائماً، حتى مع حركات سلمية راديكالية (من زاوية التغيير السياسي)، مثل حركة العدل والإحسان، التي تطالب بتغيير نظام الحكم نفسه. وهي حركة عريضة منتشرة، إذ يحتفظ أعضاؤها وقادتها بوظائفهم ورواتبهم، بالرغم من معارضة الحكم الجذرية لديهم.

ويفضّل الفيلالي إطلاق مصطلح "الأنسنة" على مقاربة الحموشي في مواجهة التطرف والإرهاب؛ إذ تقوم على الاهتمام بحقوق السجناء المدنية والقانونية داخل السجون، وفتح الباب لهم لإعادة تقييم أفكارهم ومراجعتها.

الركيزة الثالثة، تتمثل في الحوار مع التيار المتطرف والمتشدد، ودفع أعضائه إلى "عقلنة" خياراتهم الأيديولوجية، عبر مناقشتهم في جدوى ما يؤمنون به ويقومون به. وهي الاستراتيجية التي دفعت بقيادات سلفية جهادية إلى المراجعة والتراجع، والتحول نحو نقد "داعش" والوقوف ضد تمدد التنظيم في المغرب.

ثمّة تشابه كبير بين الحالتين المغربية والأردنية، وبين واقع التيار السلفي الجهادي هناك، والأردني كذلك، بل هناك تأثير ملحوظ لشيوخ التيار الأردني على التيار المغربي، وحتى في حجم المنضمين من المغرب والأردن إلى "جبهة النصرة" و"داعش" هناك أعداد متقاربة أيضاً.

وجهازا المخابرات الأردنية والمغربية يعتمدان على استراتيجية الضربة الاستباقية وتفكيك الخلايا، ونجحا في إحباط عدد كبير من العمليات. بل إن المخابرات الأردنية سبقت المخابرات المغربية في السمعة الداخلية والدولية والكفاءة المهنية، بينما المديرية المغربية (مراقبة التراب الوطني) نجحت في إيجاد قفزة كبيرة في الأعوام الأخيرة في المجال الاحترافي.

وهناك أيضاً مراجعات جزئية في الحالة الأردنية. لكن يبقى المطلوب الاهتمام أكثر بالمقاربات الثقافية والدينية، والتفكير في المسار (ب)؛ أي الجانب الديني والإنساني والثقافي.

(الغد 2016-07-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات