وزارة العمل تعتمد التشغيل الذاتي لمواجهة البطالة

المدينة نيوز:- يعتقد مختصون أن فرص العمل متاحة في السوق المحلي لكن هناك نقصا في الايدي الماهرة الاردنية في العديد من المهن الحرفية، الامر الذي دفع الحكومة ومن خلال وزارة العمل الى تنشيط برامج التدريب والتأهيل المهني بين صفوف الشباب.
وفي موازاة ذلك، وضعت الحكومة خطة للحد من البطالة من خلال تحفيز الشباب على العمل الحر، وتم وضع برنامج تنفيذي يتضمن تخصيص 25 مليون دينار لصندوق التنمية والتشغيل لإقراضها للشباب بشروط ميسرة لغايات "التشغيل الذاتي" وبالكفالة الجماعية، لتأسيس مشاريع خاصة بهم مدرة للدخل ومولدة لفرص العمل، إضافة الى وقف استقدام العمالة الوافدة لتعزيز الفرصة أمام الاردنيين للعمل، وتقييم وتنظيم سوق العمل، والاستفادة من المخزون الفائض من العمالة الوافدة داخليا، بحسب وزير العمل علي الغزاوي.
وقال الغزاوي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ان الوزارة قامت بمراجعة وتقييم الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي تم اعدادها في وقت سابق من قبل الجهات الحكومية وتشرف عليها الوزارة، حيث كان القرار الاول للحكومة تشكيل لجنة عليا للاستراتيجية الوطنية للتشغيل برئاسة رئيس الوزراء وعدد من الوزراء المعنيين وممثلي القطاع الخاص.
ومن هذه الاجراءات كما يشير الغزاوي تخصيص 20 مليون دينار كسلف لمتقاعدي الضمان الاجتماعي وقروض لتمويل مشاريع جديدة أو قائمة، وتوجيه الصناديق الاقراضية للمساعدة بالتشغيل والتنسيق والتكامل فيما بينها، ومنح نقاط فنية اضافية للشركات التي تشغل العمالة الاردنية وتمييزها بالعطاءات الحكومية، واعطاء أولوية العطاءات للمكاتب الاستشارية والمقاولين الذين لديهم فروع في المحافظات، اضافة الى التشغيل في عطاءات أمانة عمان الكبرى للأردنيين، وتعزيز دور المنظمة التعاونية في دعم التعاونيات.
وبين الغزاوي ان الوزارة بدأت بإعداد دراسة لتنظيم وتقييم سوق العمل من خلال تشكيل لجنة من قبل مجلس الوزراء برئاسة امين عام الوزارة فاروق الحديدي العمل ومندوبين عن وزارات وجهات أمنية بالتزامن مع البرنامج التنفيذي الذي اطلقته الحكومة لغايات حصر اعداد العمالة الوافدة وأماكن تواجدها والقطاعات التي يشغلونها لتقديم توصيات فنية وقانونية وادارية، مشيرا الى انه سيتم التركيز على استحداث وظائف للأردنيين، وضمان أن تكون غالبية الوظائف مخصصة لهم، وتوجيه العمالة الوافدة الى المجالات التي لا يشغلها الاردنيون.
وفي الاجتماع الاول للجنة العليا للاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ارتأت اللجنة ضرورة تعزيز ثقافة الاعتماد على الذات للعاطلين عن العمل من خلال توفير التمويل الجماعي اللازم والمناسب لهم، ومنح الشباب القروض الميسرة لإنشاء مشاريع إنتاجية، تدر هذه ارباحا جيدة وتشغل عددا كبيرا من المتعطلين عن العمل وتخضع للمراقبة والمتابعة.
وأوضح الغزاوي ان رئيس الوزراء وجه بأن تكون صناديق التشغيل مخصصة لتمويل مشاريع تشغيل ريادية لمجموعة من الشباب بالكفالة الجماعية، أي ان يكفل بعضهم بعضا (بالتضامن والتكافل) لتنفيذ مشاريع خاصة بهم وتوفر فرص عمل لهم ولغيرهم في مختلف مناطق المملكة، والتركيز على المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات والاطراف وعلى الشباب بمختلف مستوياتهم، وتشمل تمويل مشاريع جديدة وتطوير المشاريع القائمة مع التركيز على برنامج تمكين المرأة الريفية.
وحول برنامج التمويل الجماعي اكد الغزاوي انه يهدف إلى تمويل انشاء مشاريع انتاجية مشتركة لمجموعة من الشباب العاطلين عن العمل "اربعة فأكثر"، وسيمول البرنامج مجموعة من المشاريع منها على سبيل المثال مكتب محاماة، عيادات، صيدليات، شركات انشائية، عربات نقل خضار وفواكه، شركات خدمات وحراسة العمارات السكنية،ورش صيانة وحرفية، شركات صيانة وبرمجة تكنولوجيا المعلومات، مطاعم وغيرها.
وبين ان الوزارة تركز على التدريب المهني المتخصص وتطوير التعليم والتدريب المهني والتقني، لما له من أهمية ودور كبير في نشر ثقافة العمل الحر والتوجه نحو العمل المهني، بهدف تخفيض معدلات البطالة، سيما وأن النسبة المرتفعة للمتعطلين عن العمل في صفوف الاردنيين لشريحة دون الثانوية العامة.
واشارت دراسات تتبعية حديثة اجرتها مؤسسة التدريب المهني لخريجي معاهدها أن الحد الادنى للأجور للعامل الخريج لا يقل عن 200 دينار، فيما يصل أجر العامل الماهر الى ما يزيد على 500 دينار، ويزداد الاجر مع زيادة سنوات الخبرة للعامل وطبيعة عمل المؤسسة أو المنشأة التي يعمل بها، داعية الى توجيه الشباب للعمل الحر والالتزام بالوظائف التي يشغلونها في القطاع الخاص، وعدم اعتبارها محطة اولى ومن ثم الانتظار للوظيفة في القطاع العام.
ستقطاب 2000 طالب لغايات التعليم المهني واوضح الغزاوي ان الوزارة ستبدأ اعتبارا من شهر ايلول المقبل، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم باستقطاب 2000 طالب من الصف العاشر فما فوق لغايات التعليم المهني الصناعي بحيث يتم منحهم بعد الانتهاء من الثانوية العامة شهادة الثانوي الصناعي التي تمكنهم من الاستمرار بالتدريب المهني, وبحيث يصبح العدد (4000) طالب في العام 2018، و (6000) طالب في العام 2019.
وحول اعداد الاردنيين العاملين في جميع القطاعات مقارنة مع عدد الوافدين بين الغزاوي ان هناك اكثر من 300 ألف تصريح عمل سارية المفعول صادرة عن الوزارة، وهناك اعداد اخرى حصلت على تصريح عمل ولم تقم بتجديد تصاريحها يقدرون بحوالي 700-800 الف وافد، وهو رقم غير صادر عن جهة رسمية.
وقال ان الوزارة وضعت آليات وبرامج للتشغيل والتدريب من خلال افتتاح فروع انتاجية للصناعات يعمل فيها اردنيون, وجرى تنظيم عدد من الزيارات واللقاءات مع مستثمرين في المدن التنموية لحثهم على اقامة مشاريع منتجة في المناطق النائية والريفية والبوادي، حيث بوشر العمل بإنشاء فروع انتاجية، واستوعبت المرحلة الاولى 16 فرعا يعمل فيها 3264 عاملا وعاملة من اصل 4050 عاملا وعاملة في عجلون والازرق وجرش والبادية الشمالية والوسطى والرصيفة والرمثا، مع وجود 800 فرصة عمل متاحة.
واضاف، ان هناك مرحلة اخرى تضم 10 فروع ، حيث تم توقيع الاتفاقيات مع المستثمرين للمباشرة في تنفيذها في القريب العاجل، وسيعمل فيها مستقبلا 3500 عامل وعاملة، في حين تضم المرحلة الثالثة 20 فرعا، ومن المتوقع ان يكون اجمالي المشتغلين في هذه الفروع حوالي 12000 عامل اردني.
وقال ان الوزارة ومن خلال مديرية التشغيل، وضمن الاجراءات الحكومية، تعمل على إقامة الحملات الوطنية والأيام الوطنية للتشغيل (في مختلف محافظات المملكة)، واقامة المعارض الوظيفية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي، وايام وظيفية لشريحتي المعاقين والمرأة، وإنشاء وحدات للتشغيل في خمس وزارات هي: الصحة، السياحة، الاتصالات، الصناعة والتجارة والتموين، والأشغال العامة والإسكان.
كما تم رفع كلفة استقدام أو استخدام العمالة الوافدة، ومراجعة وتحديد المهن المغلقة أمام العمالة الوافدة، وتحديد نسب العمالة الوافدة مقابل الأردنية بموجب اتفاقيات مع ممثلي أصحاب القطاعات، اضافة الى ضبط سوق العمل والقيام بحملات التفتيش والمخالفات المكثفة.
ومن جانب آخر أشار الغزاوي الى ان حصول الاردن على شروط افضل ومناطق اكثر للتصدير في المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي بشأن تبسيط قواعد المنشأ سيشجع المزيد من الاستثمارات الخارجية للاستفادة من ميزة التصدير الى السوق الاوروبي الذي يبلغ حجمه نحو 500 مليون مستهلك.
واوضح ان تبسيط قواعد المنشأ للصناعات الاردنية المصدرة الى دول الاتحاد الاوروبي سيثمر عن زيادة عدد المناطق (التنموية) التي سيتم من خلالها التصدير الى السوق الاوروبي من 13 الى 18 منطقة، وبالتالي توزيع مكتسبات مؤتمر لندن على كافة محافظات المملكة، وفتح المجال لصناعات قائمة بأن تأخذ الفرصة في التصدير للاتحاد الاوروبي واستقطاب استثمارات وصناعات جديدة بزخم كبير.
ولفت وزير العمل الى ان بيانات مسح العمالة والبطالة السنوية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام2013 - 2014، اظهرت أن ما نسبته 51 بالمئة من العاملين في الأردن يتقاضون رواتب تتراوح بين 300 - 499 دينارا شهريا، و 5ر10 بالمئة يتقاضون رواتب تزيد على 500 دينار، و 7 بالمئة يتقاضون رواتب تقل عن 200 دينار شهريا، الأمر الذي يشكل خرقاً للحد الأدنى للأجور المعتمد في الأردن والبالغ 190 ديناراً، فيما تشير أرقام الضمان الاجتماعي إلى أن 75 بالمئة من المتقاعدين لا يتجاوز راتبهم التقاعدي 400 دينار.
وبين أن معدل البطالة بين الاردنيين من حملة الشهادات الجامعية يبلغ 2ر20 بالمئة، على ما جاء في تقرير معدل البطالة للربع الاول من العام الحالي 2016 الصادر عن دائرة الاحصاءات، وأن ونسبة الذكور المتعطلين عن العمل من حملة البكالوريوس فأعلى 2ر22 بالمئة، ونسبة المتعطلات 7ر76 بالمئة، وأن 38 بالمئة من العاطلين عن العمل يقضون فترة تزيد على عام في البحث عن عمل، و 17 بالمئة يقضون أكثر من عامين.
وأوضح الغزاوي ان 50 بالمئة من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، و 49 بالمائة منهم كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي، أما على مستوى المحافظات، فقد سُجل أعلى معدل للبطالة في محافظة إربد، بنسبة بلغت 5ر18 بالمائة، وأدنى معدل للبطالة في محافظة العاصمة بنسبة 11 بالمائة.
رئيسة الجمعية الاردنية لعلم الاجتماع الدكتورة عبله الوشاح قالت ان أسباب تفشي البطالة في سوق العمل الأردني تعود الى زيادة عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل بسبب النمو السكاني، وتراجع الطلب الخارجي على الأيدي العاملة الأردنية، وضعف المواءمة بين مخرجات النظام التعليمي والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، اضافة الى تزايد أعداد الخريجين، ومزاحمة العمالة الوافدة ومنافستها للعمالة المحلية نتيجة لقبولها بظروف عمل قد لا يقبل بها العمال الأردنيون.
فيما أشار استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين الى أسباب أخرى للبطالة منها عزوف الكثير من الشباب والخريجين الجدد عن الاستفادة من فرص العمل المتاحة في السوق وتركها للعمالة الوافدة، وإغلاق العديد من الاسواق المحيطة في الاردن بسبب الظروف السياسية والاقتصادية، اضافة الى نقص الايدي الماهرة الاردنية في العديد من المهن الحرفية.
(بترا)