"رهانات درعا".. أردنياً

تم نشره الأربعاء 24 آب / أغسطس 2016 12:48 صباحاً
"رهانات درعا".. أردنياً
محمد أبو رمان

يكشف تقرير نُشر على موقع "الجزيرة نت"، قبل أيام، عن خلافات واتهامات متبادلة في أوساط فصائل الجبهة الجنوبية (الجيش الحرّ)، وصلت إلى درجة الانشقاقات والقتل، داخل الفصائل نفسها، التي تُعدّ مقرّبة من التحالف العربي والغربي، وبصورة خاصة الأردن.

ما يثير القلق، أردنياً، يتجاوز تلك الأحداث الجزئية إلى الصورة الكلية في درعا، التي بقيت تتمتع بظروف أفضل من كل المناطق السورية، خلال الأعوام السابقة من الأحداث في سورية، إلى أن وقع التدخل الروسي، وما تلاه من "هدنة عسكرية" غير معلنة، أو ما يسمّى "سياسة تبريد الجبهات"، ما أدى إلى تصاعد الأزمات والخلافات الداخلية، وبروز قوي لجيش "خالد بن الوليد"، في "حوض اليرموك" (الريف الغربي لدرعا)، بعدما كانت درعا تعتبر، سابقاً، "منطقة خالية من داعش"!

ما حدث في حلب مؤخراً من محاولة النظام فرض حصار على الأحياء الشرقية من المدينة (التي تسيطر عليها المعارضة، ودفعها إلى الاستسلام، ثم تمكّن تلك الفصائل من فكّ الحصار جزئياً، برغم القصف الروسي والدعم الإيراني الهائل للنظام)، أثّر على أكثر من صعيد على درعا. الأول، يبدو في العتب الشديد من قبل فصائل حلب على فصائل درعا التي لم تفعل شيئاً لتخفيف الضغط عن حلب، ما خلق شعوراً بالخجل لدى أبناء فصائل درعا. والثاني، هو قدرة المعارضة الحلبية على الصمود بالرغم من كل شيء، ما خلق شعوراً بالغيرة والمقارنة لدى فصائل درعا، التي تشعر بأنّها مكبلة بتعليمات غرفة عمليات "الموك"، في مواجهة النظام.

باختصار، هناك حالة من التململ والاحتقان والسخط تسود المناخ الشعبي لدرعا، إما بسبب تصرفات قادة فصائل للجيش الحرّ، محسوبة على "الموك"، مثل فايز عبدالنبي أبو سيدرا، قائد فوج المدفعية، ويشبهه البعض بالعقيد أحمد أبو نعمة، الذي اعتقلته جبهة النصرة ويعتقد أنّها قتلته؛ وإما لحالة ""التهدئة العسكرية" التي تؤدي إلى تظهير الخلافات والتناقضات الداخلية على حساب التناقض الأساسي مع النظام.

في خلفية هذا المشهد تحول جوهري وكبير يتمثل في تغير أولويات الأجندات الدولية والإقليمية، تحديداً الأميركية والغربية، من قتال النظام السوري أو إسقاطه إلى مواجهة تنظيم "داعش" حصرياً، فأصبح الدعم القادم إلى الجيش الحرّ موجهاً على هذا الأساس، أي قتال "داعش"، لا قتال النظام السوري. وهي أجندة لا تتوافق -بالضرورة- مع رؤية فصائل درعا المركزية التي ترى أنّ "داعش" مشكلة حقيقية، لكنّ المسبب لهذه المشكلة هو النظام السوري، وهو المسؤول الرئيس عنها، لذلك فإنّ العقيدة القتالية لأبناء هذه الفصائل ما تزال موجّهة بدرجة كبيرة إلى قتال النظام أولاً، و"داعش" ثانياً، وليس العكس!

المعضلة التي يواجهها "مطبخ القرار" في التعامل مع الاحتمالات والرهانات المستقبلية لدرعا، تتمثل في عدم وجود تصوّر استراتيجي بعيد المدى، لارتباط مثل هذا التصور بتطورات ومتغيرات الساحة العسكرية السورية؛ فمن الصعب تقرير استراتيجية ثابتة على "رمال متحركة"!

وربما معركة حلب الراهنة متغيّر مهم جداً في التأثير على درعا، إذ إنّ نجاح المعارضة في فك الحصار وقلب الطاولة على النظام والروس سيعزز من الروح المعنوية لهم، وسيزيد من حالة التململ في درعا من "الهدنة العسكرية"، وربما من نمط العلاقة الحالية مع "الموك". والعكس صحيح، فإنّ انتصار النظام في حلب سيؤدي إلى محاولة استثمار ذلك سريعاً واستنساخ انتصار عسكري في درعا، مع استغلال الخلافات والانقسامات في الجبهة الجنوبية.

من الضروري، حتى وإن لم يكن هناك إمكانية لبناء تصور استراتيجي لمستقبل درعا، أردنياً، أن يتم بناء تصور تكتيكي-قصير المدى نقدي، يساعد في تخفيف المشكلات الحالية ومواجهتها.

(الغد 2016-08-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات