انتخاب حركة فتح بالترهيب!!

تم نشره السبت 27 آب / أغسطس 2016 12:26 صباحاً
انتخاب حركة فتح بالترهيب!!
ياسر الزعاترة

انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لأحد قادة حركة فتح، يتحدث في جمع من أبناء الحركة عن الانتخابات البلدية القادمة، ولم يتردد صاحبنا في مطالبة القيادة بإجراءات “ترغيبية وترهيبية.. سمّوها ما شئتم”، من أجل التأكد من تصويت 300 ألف مواطن يقبضون رواتب من الحركة لصالحها “غصبا عنهم وبالكندرة”، كما قال بالنص. المثير في القصة التي نحن بصددها ابتداءً هو تصفيق الحضور لذلك القيادي حين ذكر “الكندرة”، وهي الحذاء لمن يقرأ ولا يعرف اللهجة الفلسطينية الدارجة، وهو أمر مستغرب بطبيعة الحال، ليس فقط لأن الكلام ينطوي على سوء أدب مع كوادر الحركة ومؤيديها من موظفي السلطة، بل أيضا لأنه ينطوي على قهر وإجبار لا ينسجم البتة مع روحية عملية تسمى انتخابات. كيف يمكن الحديث عن انتخابات حرّة، والقائد الفتحاوي يطالب بإجراءات “ترغيبة وترهيبية” من أجل دفع موظفي السلطة، ولك أن تضيف ذويهم بطبيعة الحال، للتصويت لصالح حركة فتح في الانتخابات، وماذا لو طالب قيادي حمساوي مثلا بإجراء من هذا النوع، فيما يتعلق بموظفي القطاع العمومي في قطاع غزة؟! والحال أن هذه الانتخابات، وأي انتخابات برلمانية أو رئاسية لا يمكن أن تكون حرة، وهي تجرى والمسدس مصوّب نحو رأس الشعب، ويُقال له: إما أن تنتخب فتح، وإلا فأنت تختار الحصار؟! لسنا مع هذه الانتخابات ابتداءً، وقد قلنا إنها محض لعبة لإلهاء الشعب الفلسطيني عن المسار الطبيعي الذي ينبغي أن يختطه لمواجهة الاحتلال، والذي يتمثل في التوحد في الميدان على برنامج للمقاومة، وليس التشتت في منافسة على انتخابات تكرس سلطة في خدمة الاحتلال، وتقدس التعاون الأمني معه. ورأينا الذي كررناه مرارا طوال سنوات، وحتى قبل انتخابات 2006 هو أن تكون هناك إدارة مدنية توافقية للسلطة في الضفة والقطاع، بينما يتوحد الجميع في ميدان المقاومة التي تترك لأهل السياسة. وفي حال تم الاتفاق على انتخابات لإعادة تشكيل قيادة منظمة التحرير بمشاركة الجميع، فلا بأس في ذلك من أجل توحيد القيادة، ولكن قيادة لمنظمة تحرير (نكرر تحرير)، وليس لسلطة تعمل في خدمة المحتل وأمنه، حتى لو قامت بجهد لإدارة الناس، وهو الجهد الذي كان يتكفل به المحتلون قبل أوسلو بموجب القوانين الدولية. على أن الأهم في هذه القصة هي الأرقام، فأن يكون هناك 300 ألف مواطن يقبضون من حركة فتح أو السلطة بتعبير أدق من بين حوالي 4.5 مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة، فهذا رقم مهول ولا يمكن أن يكون عفويا، لا سيما إذا علمنا أن منتسبي الجهاز العمومي في قطاع غزة لم يعودوا ينتمون في غالبيتهم لحركة فتح كما كانت الحال قبل الحسم العسكري منتصف 2007. أحد الكتاب الصهاينة كان يطلق على السلطة مسمى “الاختراع العبقري المسمى سلطة فلسطينية”، وهي بالفعل اختراع عبقري جعل الشعب الفلسطيني أسيرا لمتطلباتها، بدل أن يكرّس جهده لمواجهة الاحتلال، وجاءت الانتخابات في 2006 لتكرّس هذا المسار، وتورطت حركة حماس بالمشاركة فيها بعد أن رفضتها في عام 1996، والنتيجة هي أن الكل صار أسيرا للسلطة ومتطلباتها، مع العلم أن الجمع بين السلطة والمقاومة هو وهمٌ كبير، وإذا تمكنت حماس من ذلك بقدر ما (الرد على الغزاة، وليس مهاجمتهم)، فما ذلك إلا لخصوصية القطاع الذي خرج منه جيش الاحتلال بالكامل. لن نعيد ما ذكرناه هنا عن الانتخابات في مقال الأسبوع الماضي، لكنها وقفة مع منطق غريب، وكشف لحقائق بائسة تؤكد ما قلناه عما وراء هذه الانتخابات من مساعي لتكريس الوضع الراهن، والذي يخدم برنامج الحل الانتقالي بعيد المدى الذي اخترعه شارون، ويسميه نتنياهو السلام الاقتصادي، وها إن جهودا عربية تدفع في تجاه تكريسه عبر لعبة مفاوضات جديدة، ستضيف إلى تكريس البؤس الراهن، موجة تطبيع عربية ربما تتفوق بكثير على الموجة التي أعقبت اتفاق أوسلو عام 93.

(الدستور 2016-08-27)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات