لأوّل مرّةٍ مباحثات إسرائيليّة مع إيران وحزب الله

المدينة نيوز :- في خطوةٍ غيرُ مسبوقةٍ، سمحت الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، اليوم الاثنين، بنشر خبرٍ مفاده أنّه في الأشهر الأخيرة جرت مباحثات غيرُ مباشرةٍ بين إيران، حزب الله وإسرائيل وجهاز مخابرات غربيّ، وفق كلّ المؤشرات والدلائل لحلّ لغز مُساعد الطيّار الإسرائيليّ المفقود منذ ثلاثين عامًا، رون أراد، الذي ترك طائرته فوق الأجواء اللبنانيّة واختفى منذ ذلك الحين.
وقال مُحلل الشؤون الأمنيّة والاستخباريّة في الصحيفة، د. رونين بيرغمان، نقلاً عن مصادر غربيّة، وصفها بأنّها رفيعة المُستوى، إنّه بالمُقابل تعهدّت إسرائيل بالعمل على معرفة مصير الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا في بيروت عام 1982، واتهمّت طهران تل أبيب بأنّها هي المسؤولة عنهم.
ولفت المصدر الغربيّ الرفيع، على حدّ زعم الصحيفة الإسرائيليّة، إلى أنّ أفراد حزب الله قاموا بأعمال حفريات في المكان الذي يُتوقّع أنْ يكون قد دُفن فيه مُساعد الطيّار أراد، وقاموا بإيصال عظام إلى إسرائيل عبر الطرف الغربيّ، وفي تل أبيب، قامت الأجهزة ذات الصلة، بنقل العظام إلى معهد التشريح العدليّ في أبو كبير، لإجراء فحوصات الحمض النوويّ، ولكن، شدّدّت المصادر الغربيّة، على أنّ جميع العظام التي أرسلها حزب الله لإسرائيل، عبر طرف ثالث، لم تكُن لمُساعد الطيّار المفقود.
وساقت الصحيفة قائلةً إنّ أعمال حزب الله، تمّت تحت إشراف الحرس الثوريّ الإيرانيّ، الذي اجتمع عناصره في قبرص مع ممثلين أمنيين إسرائيليين، عن طريق طرف ثالث، على حدّ تعبير المصادر الغربيّة التي اعتمدت عليها الصحيفة العبريّة.
علاوة على ذلك، أكّدت الصحيفة أنّ حزب الله أبلغ إسرائيل عن طريق الوسيط الغربيّ بأنّه حتى اللحظة لم يتمكّن من تحديد مكان دفن أراد، ولكنّه وعد بالاستمرار في البحث عن المكان حتى يجد حلّاً للغز الذي يُشغل الإسرائيليين منذ ثلاثة عقود. يُشار إلى أنّ تقريرًا استخباريًا إسرائيليًا كان قد خلص إلى أنّ أراد، بقي على قيد الحياة 9 سنوات على الأقل بعد وقوعه في الأسر(حتى عام 1993 على الأٌقل)، وتوفي بعد ذلك نتيجة لمرض على ما يبدو.
وتحت عنوان “نهاية اللغز″ أفردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عدة صفحات لتقرير استخباري سري قامت به لجنة سرية خاصة شكلت برئاسة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حينذاك زئيف فركش. وحسب النتائج التي توصلت إليها اللجنة فإنّ معلومات استخبارية على درجة عالية من الصدقية أشارت إلى أنّ ملاح الطيران الإسرائيلي رون أراد أعيد من إيران إلى لبنان في أواسط سنوات التسعين واحتجز في مقر تابع للحرس الثوري الإيراني وتوفي على ما يبدو نتيجة مرض.
وكان رئيس شعبة الاستخبارات قد أوصى بالإعلان عن أراد بأنه ليس على قيد الحياة ومكان دفنه غير معروف إلا أنّ رئيس الوزراء حينذاك أرئيل شارون رفض ذلك. وجاءت المعلومات التي وصفتها الصحيفة بأنها مؤكدة من مصدر استطاعت الاستخبارات الإسرائيلية تجنيده، وتعتبر شهادته من مصدر أول، وقالت إنه رأى أراد في لبنان في إيران. وحسب تقرير اللجنة الاستخبارية فإنّ أراد توفي في المكان الذي احتجز فيه في منطقة البقاع اللبنانية عام 1994، نتيجة مرض على ما يبدو.
ويشير تقرير اللجنة إلى أنّ السفير الإيراني في برلين أبلغ الاستخبارات الألمانية التي كانت تقود الوساطة بين الجانبين عن نهاية جهود الوساطة بشأن أراد، وبالتوازي مع ذلك أصدر الزعيم الروحي خمينائي قرارًا بأنّ إيران لن تتدخل في قضية أراد.
وبحسب الصحيفة العبريّة، أشارت التقديرات الإسرائيلية بأنّ اراد وقع في أيدي الإيرانيين وحاولت الضغط لاستعادته وعرضت صفقة مع إيران لتبادل جواسيس بوساطة الاستخبارات الألمانية، ومارست ضغوطًا على الأمين العام للأمم المتحدة ، ولكن كل الجهود باءت بالفشل.
ولفتت الصحيفة أيضًا إلى أنّه في عام 1992، بعد فترة قصيرة من توليه رئاسة الحكومة، توجه يتسحاك رابين إلى المستشار الألماني هيلموت كول وطلب منع مساعدة جهاز الاستخبارات الألماني، فاستجاب كول وأوكل مهمة الوساطة إلى بيرند شميدباور. وقام الوسيط الألماني بإجراء اتصالات مع الإيرانيين فقاموا بدورهم بتعيين حسين موسويان سفير إيران في ألمانيا مسؤولاً عن الملف.
وحصلت في وقت لاحق عمليتا اغتيال استهدفت معارضين إيرانيين في ألمانيا وفرنسا، اعتقل فيهما عدد من الوكلاء الإيرانيين. وبحسب رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الأسبق، الجنرال فركاش، فإنّ إيران احتفظت بأراد مدة طويلة ونقلته إلى الأراضي الإيرانيّة عام 1990 واحتجز في مكان سري.
ونفت إيران حينذاك أي علاقة لها بأراد. وفي 1994 اختطف ديراني على يد إسرائيل، وخشي الإيرانيون بأن تدينهم اعترافاته فقرروا إعادته للبنان. وخلُصت المصادر الغربيّة والإسرائيليّة إلى القول إنّه لا توجد معلومات قاطعة حول وفاة أراد، ولا مكان دفنه، ولكنّها شدّدّت على أنّ خبراء الاستخبارات أجمعوا على أمانة المعلومات الاستخبارية. وجميعهم على قناعة أنّ أراد ليس على قيد الحياة. " المصدر : رأي اليوم "