افتتاح المؤتمر الأول لتفعيل وتحسين الاقتصاد العربي

المدينة نيوز - بدأت في عمان اليوم الثلاثاء فعاليات "المؤتمر الأول لتفعيل وتحسين الاقتصاد العربي المشترك" الذي ينظمه المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب للبحث في آليات تفعيل التكامل الاقتصادي العربي.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمة ألقاها نيابة عنه مدير إدارة الدراسات والعلاقات الاقتصادية بالجامعة الدكتور ثامر العاني، على أهمية التكامل الاقتصادي العربي في تحقيق التنمية الاقتصادية للدول العربية لاسيما في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد والذي يعد انتشار التجمعات الاقتصادية من أهم سماته .
وقال إن العالم العربي يتمتع بسوق كبير لذلك فإن التكامل الاقتصادي العربي من شأنه توسيع السوق أمام المشروعات في كل بلد من البلاد العربية بما يسمح بالاستفادة من وفورات الحجم الكبير، وزيادة حجم الاستثمارات المنفذة داخل المنطقة العربية سواء العربي منها أو تلك الأجنبية، ومن هنا تأتي الأهمية التي أوليناها لقيام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي.
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من إقامة منطقة التجارة الحرة العربية عام 2005 حيث أصبحت جميع السلع ذات المنشأ العربي معفاة من الجمارك عند تبادلها بين الدول العربية، مبينا أن تلك المنطقة تضم 18 دولة عربية يبلغ عدد سكانها 325 مليون نسمة وهو ما يمثل نحو 96 بالمئة من عدد سكان العالم العربي بمتوسط دخل فردي يزيد على 5500 دولار وهو أعلى من متوسط دخل الدول العربية ككل".
ولفت إلى أن الدول العربية الأعضاء بمنطقة التجارة العربية قوة اقتصادية يزيد ناتجها المحلي عن 77ر1 تريليون دولار وهو ما يمثل أكثر من 99 بالمئة من الناتج الإجمالي العربي.
وقال "في مجال التجارة الخارجية فإن الأهمية النسبية لدول منطقة التجارة الحرة تصل إلى 98 بالمئة من إجمالي الصادرات العربية البالغة 726 مليار دولار عام 2009 وحوالي 99 بالمئة من إجمالي الواردات العربية البالغة 601 مليار دولار أميركي .
وأضاف "إنه بالرغم من التحسن في التجارة العربية البينية إلا أن ثبات أهميتها النسبية عند 10 بالمئة من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية يجعل البعض يشككون في جدوى المنطقة في زيادة التجارة العربية البينية، إلا أن هذا الأمر يفتقد إلى عدم الدقة نظرا لأن البترول يمثل 67 بالمئة من الصادرات العربية وهو منتج تتجه صادراته خارج المنطقة العربية ".
وأشار إلى أن الواردات من الآلات ومعدات النقل تمثل حوالي 37 بالمئة من الواردات العربية وهي منتجات لا تنتج داخل المنطقة العربية لذلك فان استبعادهما يعني أن التجارة العربية البينية تشكل أكثر من 23 بالمئة من التجارة الخارجية للدول العربية.
وقال إنه بالرغم من هذا التحسن في مستوى التجارة العربية البينية إلا أنها لم تصل بعد إلى ما نصبوا إليه جميعا، حيث مازال هناك بعض المعوقات التي نسعى للتغلب عليها في إطار منطقة التجارة الحرة أو خارجها والتي تؤثر بشكل مباشر على التجارة العربية البينية ومن أهمها الضرائب والرسوم ذات الأثر المباشر، وإقرار قواعد منشأ تفصيلية للدول العربية، وتهيئة بيئة مواتيه لزيادة الاستثمارات الخاصة إلى جانب إعداد اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي بين الدول العربية، وآلية فض المنازعات فضلا عن دمج تجارة الخدمات ضمن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى .
وفي هذا الإطار أشار إلى إدماج منتجات المناطق الحرة ضمن منطقة التجارة الحرة العربية وإقرار اتفاقية عربية لمنح تأشيرة عربية موحدة لرجال الأعمال العرب .
ونوه بقرار القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية بالكويت والذي نص على استكمال متطلبات إقامة الاتحاد الجمركي العربي والتطبيق الكامل له عام 2015 واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من قبل الدول المؤهلة تمهيدا للوصول إلى السوق العربية المشتركة عام 2020 .
وأوضح أن لجنة الاتحاد الجمركي انتهت من إقرار الإطار العام للبرنامج التنفيذي للاتحاد وكذلك الهيكل المؤسسي، مثلما تم إقرار معظم القانون الجمركي العربي الموحد ويجرى الآن توحيد البنود الوطنية في جداول التعرفة الجمركية للوصول إلى جدول عربي موحد للتصنيف السلعي يتم استخدامه في المرحلة التالية من عمل اللجنة كأساس للتفاوض على فئات التعرفة الجمركية التي ستطبق في الاتحاد الجمركي العربي.
ولفت موسى في كلمته إلى قرار قمة الكويت الاقتصادية بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة بمبادرة من أمير دولة الكويت، إلى جانب الربط الكهربائي والسككي العربي والأمن الغذائي وإدارة الموارد المائية.
وبين أنه في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية ومختلف الدول والتجمعات الاقتصادية وقعت جامعة الدول العربية عددا من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون لإنشاء منتديات مع تلك الدول والتجمعات ومعظمها يتضمن مختلف مجالات التعاون ومن بينها المجال الاقتصادي ومنها منتدى التعاون العربي الصيني، مثلما تم عقد قمتين للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية عامي 2005 و2009 وتوقيع مذكرة تفاهم مع الهند 2008 وأخرى مع اليابان 2009، مشيرا إلى انه ستعقد الدورة الثانية للمنتدى الاقتصادي العربي الياباني في تونس خلال شهر تشرين الثاني المقبل .
وقال إنه على صعيد إفريقيا تم توقيع اتفاقية عامة للتعاون بين جامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي عام 2007 مثلما يتم التحضير للقمة العربية الإفريقية الثانية المزمع عقدها في سرت بليبيا يوم 10 تشرين الأول المقبل .
من جهته، قال النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن عيسى حيدر مراد أن الأردن يؤمن بأهمية البعد العربي في التبادل التجاري باعتبار التكامل العربي هو صورة من صور العمل العربي المشترك وفيه تحقيق للمصالح الوطنية والقومية جنباً إلى جنب.
وأضاف ان الدول العربية تعد الشريك الرئيس لتجارة الأردن الخارجية إذ بلغ مجموع تجارة المملكة الخارجية مع دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى خلال العام الماضي حوالي 5 مليارات دينار شكلت حوالي 37 بالمئة من إجمالي التجارة الخارجية الأردنية .
وعرض عددا من العراقيل والمشاكل التي تقف حائلا دون زيادة مستويات التجارة العربية البينية ومنها القيود الفنية المتعلقة بالاشتراطات والمواصفات في الدول العربية إضافة إلى القيود الإدارية بموضوع إعادة التخمين الجمركي، وكثرة الوثائق الإضافية التي تطلب مع البضاعة ومشاكل النقل بالعبور وإجراءات التخليص الجمركي وتكاليفه.
وبين القيود النقدية التي تفرضها بعض الدول العربية على إجراءات التحويل وتعدد أسعار الصرف ومخصصات النقد الأجنبي والتشدد في إجراءات الائتمان وشروط الاستيراد والمبالغة في رسوم تصديق القنصليات على شهادات المنشأ.
كما بين مشاكل أخرى تتمثل في حصر الاستيراد بمؤسسات تابعة للقطاع العام وعدم تطبيق الرزنامة الزراعية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل للتعرفة الجمركية التي تحول دون التنفيذ الأمثل لبرنامج منطقه التجارة الحرة العربية الكبرى وصعوبة تنقل الأفراد ورؤوس الأموال بين الدول العربية وصعوبة منح التأشيرات .
وأشار النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن إلى عدم تفعيل آلية تسوية النزاعات التي تعتبر من الأدوات الضرورية لعمل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وارتفاع كلفة التجارة بين بلدان العالم العربي إضافة لمعاناة مؤسسات القطاع العام من نقص المعلومات ذات العلاقة بالقوانين والتشريعات التجارية الخاصة بالأسواق العربية بينما يعاني القطاع الخاص من عدم توفر المعلومات الرسمية المتعلقة بالتسهيلات التجارية .
ودعا مراد الى ضرورة إزالة العراقيل التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لتحقيق السوق العربية المشتركة وتسريع العمل لإعداد مواصفات موحدة لجميع السلع العربية،وتحديث التشريعات والقوانين الاقتصادية والتجارية تمهيداً لتوحيدها والاتفاق على قواعد المنشأ العربية للسلع والمنتجات العربية.
كما دعا إلى تسريع مسار مفاوضات تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية ورسم سياسة عربية مشتركة لخدمة المصالح الاقتصادية العربية وتأهيل البيئة الاستثمارية المناسبة لتشجيع الاستثمار في البلاد العربية وتذليل المعوقات التي تواجه رجال وسيدات الأعمال وتحرير انتقال رجال الأعمال والمستثمرين العرب.
بدورها تحدثت رئيسة اتحاد المصدرين والمستوردين العرب أمل حسن زكي في كلمتها أمام المؤتمر، حيث اشارت الى وجود معوقات كثيرة تعترض تسهيل حركة التبادل التجاري بين الشركات العربية، وحركة الواردات والصادرات، لاسيما بعد الأزمة المالية العالمية، وتخوف البنوك الوطنية العربية من الائتمان.
وقالت زكي "هذا يجري على الرغم من وجود اتفاقيات كثيرة بذل المسؤولون العرب فيها جهوداً مضنية حتى ينجزوها، لكن للأسف كانت المحصلة عدم وجود تفعيل لكثير من تلك الاتفاقيات".
وطالبت بتجاوز كل العقبات التي تحول دون تنمية التجارة البينية العربية وضرورة توجيه الإيداعات العربية الموجودة في الخارج للاستثمار في البلاد العربية.
وأشارت إلى أهمية ودور المكاتب الإقليمية للاتحاد في تطوير عمله وتحقيق أهدافه في تطوير التجارة البينية العربية وفي أيجاد المزيد من فرص العمل على امتداد الوطن العربي لافته إلى ضرورة الاستفادة من فكرة التكتلات الاقتصادية العالمية لإنجاح السوق العربية المشتركة.
وعددت مجموعة من العوامل الاقتصادية حدت من تحقيق العمل العربي المشترك في مقدمتها ضيق الطاقة الإنتاجية وعدم تنوعها بين الدول العربية وانخفاض معدلات التنمية وغياب مشروعاتها وضعف البنية الأساسية التجارية خاصة في مجال النقل والمعلومات وضعف القطاع الخاص وفرض نظام للحصص والإجراءات الجمركية .
من ناحيته، أعرب رئيس المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب في عمان الدكتور أيمن فرحات عن أمله في ان يخرج المؤتمر بتوصيات تسهم في إزالة العقبات التي تقف في طريق تحسين الاقتصاد العربي ورفع معدلات التجارة البينية لتصبح فوق 20 بالمئة خلال السنوات المقبلة.
ودعا إلى عودة الأموال العربية المستثمرة في الخارج إلى الوطن العربي واستثمارها من أجل المصالح العربية وإقامة تكتلات اقتصادية والاستثمار في الإنسان العربي الذي أثبت أنه قادر على إنجاز ما يخدم الاقتصاد العربي.
ويبحث المؤتمر على مدى يومين سبل تحسين حجم التجارة البينية العربية وكيفية إزالة المعوقات التي تحول دون تحسينها وفتح أسواق عربية جديدة ووضع سياسة تكاملية بين جميع القطاعات الاقتصادية العربية .
ويناقش الآليات الكفيلة بالتأسيس لسياسة اقتصادية عربية للسنوات من 2015 إلى 2020 ومستقبل وآفاق اتجاه الاقتصاد العربي واتجاهات الاستثمار والتمويل في الأسواق العربية ودور الحكومات ومؤسسات تشجيع الاستثمار في أنجاح المشروعات.
كما يناقش المؤتمر النموذج المصرفي الرقابي الجديد وسياساته المستقبلية ودوره في نمو الاقتصاد العربي من خلال دوره في تقديم الفرص الاستثمارية تماشيا مع توجهات الحكومات نحو تطوير آليات جديدة وقدرة الصناعات في البلدان العربية وكيفية التأقلم ومنافسة الصناعات العملاقة والتحديات التي تواجهها .
يذكر أن اتحاد المصدرين والمستوردين العرب هيئة عربية دولية تأسست عام 2005 بهدف تنمية وتطوير التبادل التجاري بين الدول العربية وتسهيل انسياب السلع ذات المنشأ العربي.
ويسعى الاتحاد إلى تفعيل الروابط التجارية والصناعية بالوطن العربي لزيادة تنمية التجارة العربية البينية والاستثمارات وتحسين كفاءة التجارة العربية الخارجية وتنمية الصادرات وتقليل الواردات وإقامة مشروعات مشتركة للتسويق الدولي.
ويعمل كذلك على تطوير التبادل التجاري بين الدول العربية وتسهيل انسياب السلع ذات المنشأ العربي من خلال دراسة الأسواق العربية وتوفير البيانات والمعلومات التسويقية وإقامة المعارض المتخصصة. (بترا)