فشل استراتيجي

تم نشره الأربعاء 04 آب / أغسطس 2010 05:32 صباحاً
فشل استراتيجي
جميل النمري

الأرقام ليست جديدة، لكن وضعها في سياق تحليل مقارن مع بلدان أخرى يبين ملامح القصّة، قصّة الفشل الاقتصادي- الاجتماعي لحكومات الأردن المتعاقبة.

نحن أقلّ الشعوب العربية انخراطا في العمل. كل شخص عامل ينفق على 5-6 من غير العاملين. لدينا أقلّ نسبة من الإناث يعملن ولدينا أعلى نسبة من الشباب غير العاملين، وفوق ذلك لدينا أعلى معدلات إنجاب بين العرب؟!

وبالأرقام، نسبة المشتغلين من الأشخاص في سنّ العمل هي 33 %، وهي أدنى من متوسط النسبة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ومعظم الدول الأجنبية. ويطيح بالمعدل الأردني تدني نسبة النساء العاملات فهي 12 % من النساء في سنّ العمل مقابل 39 % في سورية مثلا
و 29 % في المغرب. ونسبة الرجال في الأردن هي 64 % مقابل 89 % في سورية و84 % في المغرب.

من أصل 6 ملايين مواطن، هناك 3 ملايين في سنّ العمل، ومليون مواطن فقط يعملون، يقابلهم 420 ألف عامل وافد، وهؤلاء يساوون ضعف عدد الأردنيين الباحثين عن عمل، مع أن المجموعتين متشابهتان في الأعمار والتأهيل العلمي. باستثناء دول النفط، لا مثيل لهذا التشوه. وبهذه الأرقام يفترض أن يكون مستوى معيشة الأردنيين أدنى مما هو فعلا وفي أسفل السلم العالمي لولا تحويلات المغتربين والمساعدات.

هذه الأرقام تدل ببساطة على فشل الحكومات التي تضع الخطط والبرامج، لكنها تمارس الإدارة بما تيسر يوما بيوم، وتستجيب للضغوط الاجتماعية والمصالح المتضاربة، وتنقلب على ما تضعه هي أو يضعه غيرها من رؤى وتصورات.

ويجب أن نقول للمسؤولين الآن، إن لدينا أداة قياس مختلفة للنجاح في قيادة البلد، وأداة القياس هي نسبة الأردنيين الإناث والذكور المنخرطين في سوق العمل. وقد لا يبدو هذا عادلا للحكومة، لكن لا يجوز أن نستمر بدفن الرؤوس في الرمال.

العمل هو مصدر الثروة والرفاه، وما قيمة كل القوانين والخطط والإجراءات إذا لم تكن النتيجة النهائية زيادة العمل وقيمة العمل وإنتاجية المجتمع. كل حكومة تقدم الأرقام بطريقة إيجابية تناسبها، وهي قد تكون صحيحة لكنها تمثل وجها أو آخر من الحقيقة، وتخفي أوجها، ولننظر في الحقيقة الصادمة بأن نصف فرص العمل التي يوفرها السوق كل عام تذهب لغير الأردنيين، وحقيقة أن النمو الذي تحقق بمتوسط 6 % لبضع سنوات لم ينجح في خفض أرقام البطالة، وأن عدد الناس تحت خط الفقر قد ازداد. ومقابل نجاح برامج مكافحة الفقر في إطفاء بعض الجيوب، ولد 3 أضعافها في مناطق أخرى.

المسألة ذات أبعاد متشابكة، ومنها الثقافة والسلوك الاجتماعي. العمالة في الزراعة والانشاءات وبعض الخدمات تقتصر على الوافدين، وفشلت الحكومات المتعاقبة في التغلب على هذا الواقع. الشرائح الأكثر فقرا تنجب أكثر وليس هناك أي اجراءات رادعة سوى حملات التوعية الرفيقة بـ"المباعدة بين الأحمال".

بعد اللقاء الأخير الذي عرض فيه د. عمر الرزاز مشروع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، قرأنا خبر تكليفه المسؤولية عن هذا الملف، وهذا خبر طيب ويجب أن يخلق بيئة مؤسسية تكاملية للمشروع، يشترك فيها مجلس النواب والمجلس الاقتصادي الاجتماعي وهيئات أخرى، والاستراتيجية الوطنية ستنجح اذا ترجمت إلى برامج وخطط ملزمة وعابرة للحكومات.

( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات