الفقر – دراسة متأخرة

في بلد صغير وديناميكي كالأردن يجب أن تظهر الإحصاءات بسرعة كبيرة ، فمرور الزمن يقلل جـدواها ويجعل الاعتماد عليها في اتخاذ القـرارات ورسم السياسات من قبل الحكومة ودوائر الأعمال أكثر صعوبة.
تصدر الإحصاءات عندنا متأخرة ، وعندما كنا نتحاور حول معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من هذه السنة كانت الحكومة الأميركية تنشـر أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني.
ينطبق ذلك على دراسة الفقـر فهي تتعلق بسـنة 2008 ومقارنتها مع 2006 وتنشـر في النصف الثاني من 2010 ، مما يقلل فائدتها ، خاصة وأن نتائجها لا تكشف جديداً ، فخط الفقـر في 2008 يضم 3ر13% من السكان مقابل 13% في 2006 ، والفرق غير جوهري لأن نسبة الخطأ في العينة تزيد عن ثلث الواحد بالمائة.
ترى ماذا حـدث للفقر في سنة الركود 2009 وما بعدها. إذا بقيت النسبة تراوح مكانها حول 13% بالرغم من التباطؤ الاقتصادي دل ذلك على حالة (اسـتقرار) الفقر بالرغم من تقلب الأوضاع الاقتصادية.
خط الفقـر الذي أخذت به الدراسة متساهل نوعاً ما ، فقد اعتبر أن حصة الفرد التي تقل عن 62ر2 دولار في اليوم تضعه تحت خط الفقـر ، وهو رقم أعلى مما يأخذ به البنك الدولي في المقاييس العالمية وهو 2 دولار. فلو اعتمدت الدراسة المعيار الدولي لكان خط الفقـر قد هبط على أقل من 12%.
تقول الدراسة أن جيوب الفقر ازدادت عـددياً دون أن ترتفع النسبة العامة للفقراء ، مما يعني وجود عمليات دخول وخروج من دائرة الفقر. وهي ظاهرة إيجابية تستبعد الجمود.
وتقول أن النسبة من الدخل التي تخصصها العائلات الأردنية للمواد الغذائية ارتفعت من 5ر36% إلى 38% ، وهي ظاهرة سـلبية تعني التضحية ببعض الاحتياجات لتأمين الضروريات.
ويبدو أن توزيع الدخـل في الأردن ليس بهذا السـوء إذا صح أن أفقـر 10% من السكان يحصلون على ثلث الحصة الوسطية ، وأن أغنى 10% يحصلون على اقل من ثلاثة أمثال الحصة الوسـطية.
ثبات نسبة الفقـراء عند 13% هل تدل على فشـل الخطط والإجراءات الحكومية لمكافحة الفقر ، أم على النجاح في الحيلولـة دون ارتفاع نسـبة الفقراء في المجتمع.
( الراي )