الحباشنة يكتب عن الاسعار ومسؤولية الحكومة

(1)
لغتنا العربية جميلة وخلاقة في الفاظها وعباراتها ، وهي حكيمة ايضا ، حيث تقف على قدر هائل من الايحاءات في ربطها المحكم بين الكثير من الكلمات ، تشابه في الاحرف واللفظ واختلاف في المعنى ، فاقتراب في الدلالات والمعالجات النهائية.
فالاسعار "ثمن الاشياء" والسعار "مرض الكلب" والسعير "نار جهنم" ، لاحظوا اوجه التشابه والاختلاف ومن ثم تطابق الايحاء.. بل والحاجة الفعلية الى فعل انساني لدحر الضرر المترتب عليها جميعا ، فالافلات من سعير جهنم بالعمل الصالح ، والشفاء من السعار عبر بوابة الطب ، اما الاسعار فان لا راد لوهجها الحارق ، الا حين تكون تحت رقابة الحكومة ويقظتها ، وفي الحالة الاردنية فان الاسعار "دولة الرئيس" يجب ان تكون بيدك لا بيد غيرك.
(2)
ان توازن الاسعار "دون تدخل الحكومة" لتصبح عادلة للاطراف كافة ، المنتج ، المستورد ، الوسيط والمستهلك ، انما تحتاج الى اطلاق آليات السوق اولا واشاعة اجواء المنافسة الفعلية ثانيا وتفعيل العمل بقانون منع الاحتكار ثالثا واخيرا ، وهي شروط لم تتوفر بعد لنا في الاردن.
فآليات السوق مقيدة باتفاقات منها علني ومنها مستتر ، ومنع الاحتكار - ورغم وجوده كقانون - الا انه لم يفعّل بعد.. وبالتالي انتفاء المناخ الملائم للمنافسة ، وهي وضعية لا يمكن لنا مقارنتها مع الحالة السائدة في الغرب مثلا ، فالظروف والسلوكيات مختلفة.
(3)
وعليه يصبح سهلا على الفهم ، ان تفسر كيف ان الاسعار عندنا ، تستجيب فورا الى الارتفاعات العالمية ، لكنها لا تستجيب للانخفاضات، وكيف ان انخفاض "اليورو" بنسبة بين و15 %20 منذ بداية العام ، لم تؤد الى انخفاض الاسعار ، رغم ان جُلّ مستورداتنا من اوروبا.. اللهم الا اسعار الادوية ، فالامر غير منوط بيد وزارة التجارة والصناعة.
وهو ذات الفهم الذي يقودنا الى الاجابة عن سبب ارتفاع الاسعار ، كنتيجة لفرض ضريبة او رسم ما وفورا ، وعدم انخفاض الاسعار ، حين تلغى تلك الضريبة او الرسم، من حقنا ان نتصور حجم الارباح المترتبة في كلا الحالتين ، وخصوصا فيما يتعلق بالمستوردات التي سبقت قرار الغاء او فرض تلك الضريبة،.
(4)
وبعد ، لا يجوز ان تخلي الحكومة مسؤولياتها من حيث الحماية من تقلب الاسعار ، وعدم مراعاة مصلحة المستهلك ، وبالذات القطاعات التي تعاني الفاقة ومحدودية الدخل. ان على الحكومة ان لا تمارس انحيازا مثل ذلك الذي يعلنه وزير التجارة والصناعة..، وموقفه المعادي لشركة الامن الغذائي ، والتي يعتبر وجودها بحق ضرورة لكبح جماح الاسعار ، وتوازن السوق ، فالحكومة عبر اليقظة ومنع التلاعب في السوق ، تقدم خدمة للمواطنين ، اهم كثيرا من زيادة الرواتب او حتى تقديم الدعم المباشر او غير المباشر للسلع.
الدستور