السلطات المغربية ترفض ترشح أول شيخ سلفي للانتخابات البرلمانية المقبلة ‏

المدينة نيوز :- أثار قرار السلطات المغربية منع السلفي حماد القباج من الترشح للانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل، جدلاً بالاوساط المغربية التي حملت القرار بعداً سياسياً ووصفته بـ«تحرش» جديد ضد حزب العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي في الحكومة)، ومحاولة التضييق على الحزب.
وربطت هذه الأوساط قرار منع القباج من الترشح مع البلاغ الذي اصدره الديوان الملكي ضد نبيل بن عبد الله وزير السكنى والامين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الحليف الوفي للعدالة والتنمية، وقرار الملاحقة القضائية لقياديين سابقين بحركة الاصلاح والتوحيد بتهم اخلاقية ومنع البلديات التي يقودها الحزب من مواصلة تنفيذ مشاريعها.
وفي قرار مفاجئ، رفض عبد الفتاح البجيوي، والي (محافظ) جهة مراكش أسفي ترشيح السلفي حماد القباج للانتخابات البرلمانية المرتقب إجراؤها يوم 7 تشرين الاول/ أكتوبر المقبل باسم حزب العدالة والتنمية وذلك بعد ما تبين من بحث اداري ان القباج يتبنى «مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية التي يقرها دستور المملكة ويشيع أفكاراً متطرفة تحرّض على التمييز والكراهية».
ونشر القباج رسالة الوالي التي علّل فيها رفضه لائحة ترشحيه لعضوية مجلس النواب، جاء فيها «من خلال البحث الإداري في شأن ملف الترشيح» وان حماد القباج عبّر، في مناسبات علنية، عن مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية التي يقرها دستور المملكة»، من «خلال إشاعة أفكار متطرفة تحرّض على التمييز والكراهية، وبث الحقد والتفرقة والعنف في أوساط مكونات المجتمع المغربي».
ووجه «رسالة مفتوحة» إلى الملك محمد السادس، يشتكي فيه «هذا الظلم البيّن والإهانة العظمى» وقال «لو كانت هذه الاتهامات صحيحة فالواجب اعتقالي فوراً، وإدخالي للسجن في انتظار محاكمتي؛ لأنني خطير على وطني، وأنا أرفض أن يتعرض وطني لأي خطر».
وأضاف «لو كنتُ كذلك فلماذا سمحت السلطات ببقاء مثل هذا الشخص بهذه الخطورة حراً طليقاً يتكلم وينشر أفكاره ويلقي المحاضرات في مختلف المدن والدول لمدة تقارب العشرين سنة؟»، و»لماذا تعاملت معي باحترام، وشهد لي عدد من مسؤوليها بالوطنية والوسطية، ومنحوني جواز السفر مرات عديدة؟».
وطالب القباج في رسالته الوالي بأن «يسحب القرار ويقدّم اعتذاره ويطلب الجهة المختصة بفتح تحقيق بشأن البحث الإداري الذي أفضى إلى اتهام بتلك الأباطيل الخطيرة التي يطالها النفي جملة وتفصيلاً»، معلناً أنه «مواطن مغربي متشبع بروح السلفية الوطنية التي تؤمن بالاعتدال والتعايش والانفتاح وحب الوطن وتتمسك بدولة المؤسسات والقانون كما أنني من أكبر المقاومين لدعوات وسلوك بث الكراهية والحقد والتفرقة والعنف بكل أشكاله، ومن أحرص الناس على تماسك مكونات المجتمع المغربي» و»هل يعقل أن تكتشف السلطة في 24 ساعة ما خفي عليها طيلة 20 سنة؟!! وإن كانت تلك الاتهامات باطلة وهي كذلك».
واكد حماد القباج انه متمسك بحقوقه التي يكفلها له الدستور والقوانين «ومع ذلك قد أتنازل عن بعض حقوقي السياسية إن كانت المصلحة الوطنية تقتضي ذلك .. لكنني لن أتحمل أبدا ظلما يهين كرامتي ويطعن في وطنيتي واستقامتي.. وفي الوقت الذي لا أقبل فيه أن يتم رفض طلب ترشحي بطريقة غير قانونية فإنني لا أجعل الترشح والبرلمان قضية أساسية أو مقصداً بل هي وسيلة لخدمة وطني.. وإنما الأهم عندي رفض أن يتهمني رجل سلطة بما أنا منه بريء».
وفي تصريحات بعد نشر رسالته المفتوحة للملك قال أنه إلتجأ للقضاء الإداري لإنصافه، حيث رفع دعوى قضائية إستعجالية بالمحكمة الإبتدائية بمراكش عبر محاميه للطعن في قرار عمالة المدينة واكد أن الخطوات التي أقدم عليها جاءت بشكل فردي فيما يخص رسالته للملك، وبتشاور مع أعضاء حزب العدالة والتنمية بمراكش فيما يخص رفع دعوى قضائية.
ونفى القباج، توصله بأي إتصال هاتفي من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران (رئيس الحكومة)، لكنه سيتواصل مع الأمانة العامة للحزب في وقت لاحق.
وأثار ترشيح حزب العدالة والتنمية للسلفي حماد القباج احتجاجات (الحداثيين) الذين يناهضون حزب العدالة والتنمية ونسبوا له تصريحات حول اليهود وسيدة تنشط في دعم ومساندة الأمهات العازبات الا ان القباج نفاها.
وكانت آخر اشكال الأحتجاج مذكرة رفعتها «مؤسسة أيت الجيد للحياة ومناهضة العنف» و«جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان» إلى عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة، بصفته أميناً عاماً لحزب «المصباح»، تطالبانه فيها بالسحب العاجل لهذا الترشيح وتحمّلانه المسؤولية السياسية عن ترشيح القباج «وتداعياته الخطيرة على المجتمع والمؤسسات ودولة الحق والقانون».
واعتبرت الهيئتان أن وصول الناشط السلفي، إلى البرلمان المغربي سيشكل «إساءة حقيقية له وتهديداً صريحاً للمسار الديمقراطي والحقوقي الذي قطعه بلدنا»، وأن تزكيته في مدينة مراكش «ستسوّق من دون شك صورة سلبية عن مدينة مراكش كمدينة للتعايش والتسامح وتلاقح الحضارات والثقافات التي راكمت ملتقيات ولقاءات فكرية وفنية وثقافية سواء العالمية منها أو الوطنية».
وفي وقت سابق فند حماد القباج ما تم تداوله الصحافة بخصوص «سبه للسيدة عائشة»، مؤكداً أن ما نشر لا أساس له من الصحة وتساءل القباج، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، «أبهذه الطريقة النازية تتعامل الصحافة غير المسؤولة مع حقي الدستوري في الترشح للبرلمان!».
وأكد احترامه لعائشة الشنا، معتبراً عملها شيئاً نبيلاً ومهماً جداً ومطلوباً شرعاً». واضاف أن ما تقوم به اتجاه النساء العازبات التي تحتاج الرعاية والمراقبة والمساعدة عمل جبار ونبيل. وقال القباج إن هذا الاتهام مجرد اختلاق كذب، وافتراء محض، ولا أساس له من الصحة، لأنني لم يسبق لي أن تحدث عن عائشة الشنا .. في تقديري عائشة الشنا إنسانة محترمة تقوم بعمل جليل، ونبيل، ولا يسعنا إلا أن نشكرها جميعا كمغاربة، ومثقفين بشكل خاص».
ووجه عبد العزيز أفتاتي عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية انتقادات لاذعة لقرار والي مراكش إقصاء السلفي حماد القباج من رئاسة لائحة حزبه بسبب «أفكاره المتطرفة» وقال أن القباج يتوفر على جميع شروط الترشيح أبرزها السجل العدلي الذي يبين «السوابق العدلية» للمترشح، «مما يعني أن السلطات أرادت أن تفتعل ضجة فارغة ضد حزب العدالة والتنمية».
واعتبر أفتاتي أن رفض السلطات ترشح الشيخ السلفي حماد القباج باسم البيجيدي، برسم الانتخابات التشريعية المقبلة «يدخل في سياق الحملة المغرضة لضرب حزب العدالة والتنمية» وقال «إن محاكم التفتيش ظهرت في مراكش».
واعتبر أن ما جاء في حيثيات قرار الوالي مبررات «تافهة تشبه أطروحة محاكم التفتيش» ورفض مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، والقيادي في حزب العدالة والتنمية، التعليق علنا على قرار رفض ترشيح القباج، على اعتبار أنه يشرف على الانتخابات بصفته وزير العدل والحريات، وقال: أنا مسؤول عن الانتخابات، ورأيي سأقوله في المكان المناسب». ووصف البرلماني عادل بن حمزة والقيادي في حزب الاستقلال (معارض)، منع وزارة الداخلية ترشح القباح بمراكش عن حزب العدالة والتنمية، بأنه «إعتداء على القانون وعلى الدستور وتكريس لأخطاء مجانية لا تعطي سوى مفعول عكسي» وان «العملية الديمقراطية استوعبت منذ زمن تيارات وأفراد كانت لهم أفكار مناهضة للديمقراطية، وأن عملية الانتقال السياسي لم توجد إلا لتيسير تحول الجماعات بما فيها الدولة والأفراد إلى التشبع بالممارسة الديمقراطية وإحترام دولة القانون والمؤسسات». " المصدر : القدس العربي "