سلبتم نومنا فما الذي أنجزتموه؟!

نار...وحريق الشمس يسلخُ إسفلت الشوارع!,نار...وجلود دواليب العربات يكاد أن يُشققها لهيب الطُرُقات,وليل كأن حرارته تفوق عدد أيام العام عملت على حجب الإغماض عن الجفون الذابلة,إلا في ساعات الصباح الأولى,هل تذكرون يا فقراء الأمة الذين لا يمكنهم دفع ما تلتهمه مراوحهم من كهرباء؟,هل تذكرون كيف كانت سياط ليلة أمس الأشد فتكاً؟,فطاردت النعاس وذبحت الإغفاءة على مشارف الوسائد المُشبعة بالعرق المالح الكريه؟!.
الذين أسعفهم ضعفهم في مقاومة السُهد-وأنا منهم-تمكنوا من الإستحواذ على بعض حُلُم صباحي متقطّع ما لبثوا أن غفوا علهم يُشاهدوا مقاطع منه حتى قامت قيامة "جيل التوجيهي "!صراخ هستيري منذ بواكير النهار!,أبواق سيارات "النصر الكبير "اغتصبت أسماعنا منذ مطالع الصباح,ألعاب نارية لم ولن تُضيئ السماء لغياب العتمة بالطبع!,صليات من "فشك "بغيض جُهز لهذه الغاية تحديداً,ولأعراس أخرى صيفية سينتهي معظمها بطلاق!.
سلبتم نومنا يا هؤلاء "النشامى التوجيهيون "فما الذي أنجزتموه سوى رقم قد لا يُخولكم لعبور بوابة جامعة,وسوى رقم قد تستحون من ذكره,أو تذكاره؟!.
نجحتم؟,مبروك.
لكنكم وأنتم على عتبة بوابة المستقبل الحقيقية كما تظنون,فأنتم ما زلتم على جهل تام بما ينتظركم في الأسابيع القليلة القادمة,حيث سيكتشف أكثر الذين هرعوا لنهب الهدوء والطمأنينة من الطرقات,والأحياء على متن عربات "الإنتصار "الصباحي المبكر أنهم سيمكثون بلا مستقبل بحثاً عن جامعة,ثم كلية,ثم معهد,ثم لا شيئ سوى الفراغ!.
هكذا وبكل استسلام سيتنازلون عن حُلُم راودهم,ليتلوه حُلُم راود الأب والأم!.
إني والله لا يؤرقني فرحكم يا جيل المستقبل بقدر ما يؤرقني عدم استيعاب حقيقة مفادها "إن مجرد نجاح سيقود إلى هزيمة إن لم نُحسن توظيف,وإنعاش ذلك النجاح ".
زمان!.
وقبل أقل من نصف قرن نجحتُ في التوجيهي,لكنني رفضت إعلان فرحي بذلك النجاح لأن أصدقاء لي لم يحالفهم الحظ,فاعتكفت مجدداً كأيام الدراسة في حجرتي كي لا أجرح قلوب أولئك الذين ربما لم يكونو يستحقون الهزيمة,لكنه حظهم!.
لقد رحل ذلك الزمان,لا بل تغير وحلّ مكانه زمن صار فيه الوفاء,وصارت فيه الصداقة ضرباً من ضروب المستحيل!.
مبروك,ومبارك لكم يا فلذات أكبادنا الذين لولا حبنا,وولعنا بهم لما قسونا عليهم!,فاعذروني
(خاص)