«العراقيب» .. بين الأطلال والوعود

تم نشره الإثنين 09 آب / أغسطس 2010 06:15 صباحاً
«العراقيب» .. بين الأطلال والوعود
خيري منصور

اسمها قرية العراقيب وقد بقيت هي والمئات من شقيقاتها ستة عقود بانتظار تحقيق الوعد ، فكل ما حدث من ثورات وانقلابات في عالمنا العربي خلال هذه الحقبة كان باسم فلسطين وبأسماء قراها ومدنها ، ما قضى منها وما ينتظر.

ونحن لا نملك ما يؤهلنا لأن ننطق باسم العراقيب التي تحولت الى أطلال سوى مساءلة العالم أجمع ما هو تعريف التطهير العرقي والابادة كي نسمي ما يجري في فلسطين وليس النقب وحدها بأسماء اخرى؟.

المطلوب سياسيا وقانونيا وأخلاقيا من الهيئات الدولية ومثقفي العالم أن يعيدوا لنا تعريف الابادة والجرائم العنصرية ، لأن الصمت على ما جرى في العراقيب يبرر لنا القول بأن عراقيب هي جمع عرقوب ، صاحب الوعد الكاذب الذي ذهب مثلا بين الناس وتوارثته أجيال العرب.

ما من جنرال وعد أهل تلك البلاد بالحرية ثم قلب ظهر المجن الا وهو عرقوب بامتياز ، وما من زعيم أقسم بأشياء لا يملكها الا وتحول هو الآخر الى عرقوب ، لأن الوعود كلها كانت كاذبة ، والعشب المحاصر المحتل كان على ما يبدو ينتظر العسل من البعوض أو الذباب فأعد الجرار التي امتلأت أخيرا من دم أطفاله،.

انه ليس مجرد اسم على مسمى كما يقال ، فالعراقيب فضيحة عصر غاشم ، وعورة تاريخ لم يجد حتى ورقة زيتون أو نعناع لتسترها ، ولم تكن العراقيب أولى القرى التي دمرت وتم السطو على تاريخها وآثارها من خلال استراتيجية العبرنة وهي مرادف آخر للتهويد والأسرلة.. سبقتها مئات القرى وقد تلحقها مئات أخرى ، ما دام الغزاة لا يخافون الا من الذكريات كما قال محمود درويش وهو ابن واحدة من تلك القرى التي دمرت ولم يبق منها سوى اشجار عزلاء تشهر أغصانها كالأصابع كي تشهد وتدين،.

ان أي سطو أو قرصنة لا يمكن لهما أن يتمددا بروادع وكوابح ذاتية ، لأن القرصان أساسا بلا ضمير وبلا أية مصدات أخلاقية ، وحين يرى العالم حوله صامتا يتفرج على جرائمه فان لعابه يسيل كسمكة القرش على المزيد من الدم حتى لو كان دمه هو.

العراقيب التي انتظرتهم عرقوبا.. عرقوبا على امتداد ستين سنة ، وجدت نفسها وحيدة في عراء التاريخ ومغروزة كالرمح في الصحراء فلا حياة لمن نادت أو ستنادي ، وهي تدرك من خلال الآلاف من سكانها المشردين بعد ستة عقود من التشريد الأول أن الاستغاثة لن تصل ، ليس لأن من تستغيث بهم طرشان ، فهم يسمعون دبيب النمل عندما يقتضي أمنهم أن يحافظوا على مقاعدهم ، لكنهم يضعون في آذانهم أكواما من الطين والعجين حين تأتي الصرخة المبحوحة من هناك.. من جغرافيا رسولية يحتقن فضاؤها بأصداء شجية وزفير مقدس،.

فما الذي فعله العراقيب للعراقيب؟ ان كان مجرد شجب في نشرة أخبار فالفقاعات تعيش أكثر منه ، وان كان مجرد طقس كتقديم واجب العزاء فالأيام الثلاثة مضت ، ولم يبق من تلك البلدة الفلسطينية أثر ، باستثناء حفيف الزيتون والصفصاف وما يرشح من الحجارة.

طوبى لمن سماها العراقيب كي تذكرنا حتى القيامة بالعراقيب الذين أخلفوا الوعود،،.

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات