حقائق مصرية

تم نشره الإثنين 03rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 11:58 مساءً
حقائق مصرية
عمر حمزاوي

لة الحديثة والمدنية.بادعاء حماية البلاد من الفوضى والإرهاب وظلامية الدولة الدينية، انقلب الجيش المصري على الإجراءات الديمقراطية في صيف 2013 وعزل الرئيس المنتخب.

أعلن الجنرالات، ومن ورائهم نظراؤهم في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وبحوزتهم أجهزة إعلامية عامة وخاصة أحكموا السيطرة عليها، عزمهم تأسيس نظام حكم حديث ومدني يفصل الدين عن السياسة، ويمكن مسؤولين منتخبين من إدارة شؤون مصر.

احتفت النخب العلمانية، ليبرالية ويسارية، بإعلان الجنرالات واعتبرته بداية انعتاق البلاد من أخطار الخلط بين الدين والسياسة، وخطوة كبرى باتجاه تحديث الدولة ومؤسساتها.

تناست النخب العلمانية عامدة التاريخ الممتد من خمسينيات القرن العشرين إلى ثورة 2011 والذي تشهد حقائقه على كون حكم الجنرالات لم يؤسس لا لدولة حديثة، ولا أنجز فصلاً بين الدين والسياسة، وروجت بكثافة لمقولات صريحة الطبيعة الاستبدادية من شاكلة مصر تحتاج إلى "حاكم عسكري قوي يقضي على الفوضى والإرهاب"، ولن تنهض البلاد سوى على يد "ديكتاتور مستنير" والجيش حتماً سيعهد لمدنيين منتخبين بالحكم بعد فترة انتقالية توضع بها أسس "الدولة الحديثة" وغيرها.

لم يمثل ترويج النخب العلمانية للاستبداد سوى استمرارية لموقفها المضاد والرافض للإجراءات الديمقراطية، حين جاءت برئيس منتخب من جماعة الإخوان المسلمين، وكمن من وراء الرفض خوف العلمانيين العميق من "المجتمع غير الرشيد" المنحاز بأغلبيته إلى التيارات والحركات الدينية والقابل للتأثر "بخرافاتها" ولأطروحاتها "السطحية" عن قضايا السياسة والحكم.

في أعقاب صيف 2013 تمسك علمانيو مصر بتأييد حكم الجنرالات على الرغم من الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والحريات، وعلى الرغم من ثبوت رغبتهم في السيطرة على مقدرات البلاد لأبعد من فترة انتقالية وهيمنتهم هم ونظرائهم في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتهميشهم شبه الكامل للمدنيين.

وفي 2016 لا تزال النخب العلمانية، باستثناءات محدودة، تناصر حكم الجنرالات ولا تبدو منزعجة على الإطلاق من التوظيف الممنهج للدين في السياسة. فالمؤسسات الدينية الرسمية، الإسلامية والمسيحية، تصدر بيانات التأييد لرئيس الجمهورية ولحكومته دون توقف، والرئيس المفدى بدوره يخرج على الرأي العام المحلي والعالمي بمقولات متواترة عن فريضة الاعتدال الديني وضرورة محاربة التطرف الإسلامي وعن مسؤوليته هو ومؤسسات الدولة عن صون الفهم السليم للدين.

وفي 2016 لا تزال النخب العلمانية على مناصرتها لحكم الجنرالات على الرغم من توريطهم الكارثي للكنائس المصرية في قضايا السياسة واستخدامهم للرموز الدينية ولأدوات الحشد الطائفي لصناعة صورة "البطل المخلص" و"الزعيم المحبوب" لرئيس الجمهورية خارج البلاد.

وفي 2016 لا تزال النخب العلمانية على مناصرتها لحكم الجنرالات بينما السلطة التنفيذية ومن وراءها السلطة التشريعية المستتبعة تمرير قانون "لبناء وصيانة الكنائس" يعصف بقواعد المواطنة ويتعاطى مع المواطنين المصريين ذوي الهوية الدينية المسيحية كرعايا دينيين تتحدث باسمهم الكنائس ويخصص لدور عبادتهم قانون منفرد عوضاً عن التعامل مع جميع دور العبادة وفقا لقاعدة المساواة بين المواطنين وحرية ممارسة الشعائر الدينية دون تمييز.

وفي 2016 لا تزل النخب العلمانية على مناصرتها لحكم الجنرالات يوسعون من دور المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية في الحياة الاقتصادية، فضلاً عن الصعود غير المسبوق لأدوار العسكريين والأمنيين والاستخباراتيين في المؤسسات والمصالح العامة - والتي بلغت الحدود القصوى بإطلاق حملة "الجيش هو الحل" لتبرير استبعاد المدنيين من مواقع المسؤولية والآتيان بالجنرالات الذين لا يملك الناس محاسبتهم.

وفي 2016 لا تزال النخب العلمانية على مناصرتها لحكم الجنرالات على الرغم من زجهم بمصر إلى هاوية الخلط بين الدين والسياسة وتغييبهم الفعلي لفرص بناء الدولة الحديثة والمدنية.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات