تقرير : شروط العمل في الأردن غير لائقة
المدينة نيوز :- أشار المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أنه على الرغم من أن الأردن كان أول دولة عربية توقع اتفاقية مع منظمة العمل الدولية في عام 2006، لتنفيذ برنامج وطني للعمل اللائق استمر العمل به حتى عام 2009، واتبعه ببرنامج آخر شكل مرحلة ثانية للبرنامج الأول، تحت عنوان "البرنامج الوطني للعمل اللائق" في عام 2012، الذي انتهى العمل به في نهاية العام 2015، إلا أن شروط العمل في المملكة ما زالت تعاني من ضعف كبير في ضوء معايير العمل اللائق.
وفي ورقة تقدير موقف أصدرها المرصد اليوم الخميس بمناسبة اليوم العالمي للعمل اللائق الذي يصادف في السابع من شهر تشرين أول من كل عام، عرضت الورقة لمدى توفر معايير العمل اللائق كما أقرتها منظمة العمل الدولية في سوق العمل الأردني، وهذه المعاير تتمثل بـ "توفير فرص العمل المنتج الذي يحقق دخلاً عادلاً؛ وتحقيق الأمن والاستقرار في مكان العمل إلى جانب توفير الحماية الاجتماعية للعاملين وأسرهم؛ وتحسين فرص الترقي المهني والاجتماعي على المستوى الشخصي؛ وحرية العاملين في التعبير عن همومهم، والمشاركة في عملية اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم؛ بالاضافة إلى تحقيق المساواة في الفرص والمعاملة بين جميع النساء والرجال".
ورقة تقدير الموقف التي حملت عنوان"العمل اللائق في الأردن.. ما زالت الفجوة واسعة"، بينت أن سياسات العمل غير قادرة على الخروج من دائرة الرغبات والشعارات، إذ أن المقومات الأساسية اللازمة لتطوير سياسات عمل عادلة وفاعلة وأدوات تنفيذها تعتبر من المناطق "المحظور العمل بها".
وبينت الورقة أن التأثيرات السلبية للظروف الاقليمية المضطربة على أوضاع الاقتصاد الأردني وقدراته على توليد فرص عمل جديدة، أدت إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وإلى تراجع قدراته على توليد فرص عمل جديدة بشكل ملموس، كذلك أثرت موجات اللجوء السوري خلال السنوات القليلة الماضية على سوق العمل، بالاضافة الى مئات آلاف العمال المصريين غير النظاميين، جميع هذه العوامل أثرت سلباً على تراجع شروط العمل، من حيث خلقهم لمنافسة غير عادلة مع العمالة الأردنية، بسبب زيادة العرض في القوى العاملة.
وفيما يتعلق بتوفير فرص العمل أوضحت الورقة أن هناك تراجع ملموس في عدد الوظائف التي يستحدثها الاقتصاد الأردني، ففي الوقت الذي بلغت فيه الوظائف المستحدثة في عام 2007 نحو 70 الف وظيفة جديدة، انخفضت في عام 2011 إلى 55 ألف وظيفة، ووصلت الى ما يقارب 53 الف وظيفة في عام 2013، فيما لم يتجاوز عدد الوظائف التي استحدثها الاقتصاد الوطني في النصف الأول من عام 2015 الـ 17ألف وظيفة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً كبيراً من فرص العمل المستحدثة يشغلها عمالة مهاجرة. لذلك استمرت معدلات البطالة خلال السنوات العشر الماضية عند مستويات مرتفعة وتراوحت ما بين (11.0-15.0%)، ولدى الإناث ضعفها عند الذكور، وعند الشباب ما بين سن (16-24) من غير الجالسين على مقاعد الدراسة ما بين (32.0-40.0%) وهذه أرقام مفزعة، وتعد من المستويات العالية جدا مقارنة مع مختلف دول العالم.
واعتبرت الورقة أن انخفاض مستويات الأجور من أبرز التحديات التي يواجهها العاملون في سوق العمل الاردني، إذا ما أخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات، ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر واتساع شرائحه، وأدى كذلك إلى تعميق الاختلالات والتفاوتات الاجتماعية. فغالبية العاملين بأجر لا يحصلون على أجور توفر لهم الحياة الكريمة مقابل أعمالهم الأساسية.
كما اعتبرت الورقة أن القيود المفروضة على حرية التنظيم النقابي من أبرز التحديات التي تواجه تطبيق معاير العمل اللائق في الأردن. فلا زالت الحكومات ترفض إجراء تعديلات تشريعية ملموسة تنهي فيه الحظر على تأسيس نقابات عمالية جديدة خارج إطار النقابات العمالية الرسمية الـ (17)، والتي لم يزد عددها منذ ما يقارب أربعة عقود، ولا تمثل سوى أعداداً محدودة جداً من العاملين في الأردن تتراوح ما بين 5–10 بالمائة، على الرغم من النص الواضح الوارد في الدستور الأردني في المادة (16) منه والتي تنص على "حق الأردنيين بتأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية"، وقرار المحكمة الدستورية التفسيري، الذي صدر في تموز من عام 2013 والذي أكد بشكل مباشر على حق العمال العاملين في القطاع العام بتنظيم أنفسهم في نقابات خاصة بهم، إلا أن غالبية العمال الأردنيين لا يزالون غير قادرين على ممارسة هذا الحق، على الرغم من مصادقة الأردن على "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" الذي نشر في الجريدة الرسمية عام 2006.
ودعت الورقة لتوسيع منظومة الحماية الاجتماعية لتشمل جميع القوى العاملة في الأردن. وفيما يتعلق بكفاية المنافع التأمينية أشارت الورقة أن التعديلات الأخيرة التي أجريت على قانون الضمان الاجتماعي شكلت نقلة إلى الأمام، إلا أن هذه التعديلات ما زالت قاصرة عن تحقيق المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي الواردة في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (102)، فالقانون ما زال يربط شمول المشتركين بالتأمين الصحي بقرار مجلس الوزراء الذي لم يصدر حتى الآن. وأشارت الورقة إلى المشاورات التي بدأت قبل أسابيع لشمول مشتركي الضمان بالتأمين الصحي، إلا أن الكلف التي تقترحها مؤسسة الضمان الاجتماعي أعلى من أن يتحملها العاملون وأصحاب العمل، خاصة وأن الزيادة على اشتراكات الضمان الاجتماعي التي تم تطبيقها منذ بداية عام 2014، والتي بلغت 3%، تم تبريرها في حينها بشمول المشتركين بالتأمين الصحي، الا ان ذلك لم يطبق، والزيادة على الاشتراكات نفذت.
كما انتقدت الورقة ضعف الجهود المبذولة لتأهيل ودمج الأشخاص من ذوي الإعاقة في سوق العمل، مؤكدة انخفاض نسبة تشغيلهم سيما في القطاع الخاص. واشارت الورقة الى انتشار عمالة الأطفال بشكل كبير، حيث قاربت اعداد الأطفال العاملين وفق احصائيات منظمة العمل الدولية ما يقارب 100 الف طفل يتعرضون للعديد من المخاطر أثناء عملهم، بالإضافة إلى أن غالبيتهم يعملون بأجور متدنية جداً ولساعات عمل طويلة تتراوح بين (10 و12) ساعة يومياً، ناهيك عن سوء المعاملة والإهانات النفسية والجسدية التي يتعرضون لها أثناء عملهم.
