حسن نصرالله لإسرائيل : إني أتهم

تم نشره الأربعاء 11 آب / أغسطس 2010 02:36 صباحاً
حسن نصرالله لإسرائيل : إني أتهم
عريب الرنتاوي

ساعتان ونصف الساعة ، قضيناها ليلة البارحة مع السيد حسن نصرالله ، عرض في خلالها الأمين العام لحزب الله ، من القرائن والمؤشرات ، ما يكفي على الأقل ، لوضع إسرائيل من ضمن قائمة المشتبه بهم في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ، وإنهاء سنوات خمس عجاف من "الاستبعاد الرسمي ، الرسمي والمنهجي المنظم" لكل اقتراح أو قرينة تقضي بتويجه أصابع الاتهام لإسرائيل.

مثير للإعجاب ، ذلك العرض السلسل والمتسلسل ، للدوافع والمصلحة والأساليب والقدرات.. ومثير للانطباع ذلك التوثيق الدقيق لشهادات العملاء وإفادات الجواسيس.. ومدعاة للاحترام ، تلك القدرة التي توفرت عليها المقاومة ، في مجال "اختراق العدو" بما في ذلك التعرض "لبث طائرات الاستطلاع من دون طيّار" ، فقد شهدنا ما لم نعتد على مشاهدته من قبل دول وحكومات وجيوش على مدى عشريات ست من الصراع العربي الإسرائيلي.

لم يقل حسن نصرالله ، أن لديه من البراهين والشواهد ما يكفي لإدانة إسرائيل ، مع أن ما عرضه الرجل كان أكثر بكثير مما توفر لديتلف ميليس عندما أدان سوريا والضباط الأربعة بالجريمة النكراء ، كل ما طالب به "السيّد" لا يزيد عن "لفت النظر" إلى "العامل الإسرائيلي" في الجريمة ، وإدراجه كواحد من الاحتمالات التي لا يجوز استبعادها قبل استنفاذ التحقيق فيها.

نجح نصرالله في أداء مهمته أيما نجاح ، فهو ساق المقدمات المفضية إلى النتائج ، تحدث عن دوافع إسرائيل ومصلحتها في الجريمة ، عرض لمحاولاتها المتكررة زرع فتنة مذهبية في لبنان تأتي عليه وعلى مقاومته ، وهو أفاض عند الحديث عن قدرات إسرائيل وإمكانياتها ، بل ومحاولاتها السابقة ، قبل أن ينتقل إلى عرض شهادات الجواسيس وإفاداتهم ، لينتهي إلى عرض الصور الجوية التي تظهر إصرار إسرائيل على رصد وتتبع قادة لبنان جميعا ، بمن فيهم أصدقاؤها وعملاؤها ، واضعا كل هذه المعلومات في تصرف الحكومة اللبنانية التي يتعين عليها أن تلاحق ملفين بعد اليوم ، وليس ملفاً واحداً: ملف شهود الزور ، وملف "لائحة الاتهام الظني" التي وجهها حسن نصر لإسرائيل أمس.

لم يخاطب نصرالله المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ، فهذه المحكمة التي ترفض من دون مسوّغ التحقيق مع شهود الزور ومشغليهم ، بل وترفض استدعاءهم لسؤالهم عن الدافع وراء "كذبهم تحت القسم" ، هذه المحكمة لا يبدو أنها ستكون مهتمة بالإصغاء لقرائن نصرالله والتمحيص في وثائقه ، فلائحة الاتهام الظني التي أصدرتها اكتسبت الصفة القطعية على ما يبدو ، حتى أن البعض لا يستبعد أن يكون النطق بالحكم قد تم في "الغرف السوداء المغلقة".

حسن نصرالله كان يعرف مسبقاً ، أن المحكمة ستعطيه أذنا من طين وأخرى من عجين ، بيد أنه آثر مخاطبة الرأي العام اللبناني والعربي والإسلامي والعالمي ، في هجوم مضاد يستهدف الحفاظ على "صورة المقاومة" ناصعة ، غير ملوّثة بدماء الحريري ورفاقه ، وأحسب أن الرجل نجح في معركة الرأي العام وفي "استرداد" الصورة ، فقد ازددنا إعجابا باداء الحزب والمقاومة زمن السلم والحروب الباردة ، كما كنا معجين بأدائها زمن الحرب والمواجهات الساخنة.

وحده ، نفر قليل من فريق 14 آذار ، بات ليلته "مغموماً" ، هذه النفر سيتدثّر بالأسود "الفحمي" إن برّأت المحكمة ساحة حزب الله ، وسيغزو السواد عقله وضميره وروحه ، إن ثبت أن إسرائيل هي المسؤولة عن الجريمة.. هؤلاء بنوا منظومته السياسية والفكرية والحركية على فكرة "تورط سوريا أو بعض حلفائها" في الجريمة ، وكل بنيانهم سينهار لو أن أحداً عرف بسر "سنمّار" وحجره الأسطوري ، سيموتون كَمَداً إن تبين أن أحد حلفائهم السابقين (إسرائيل) أو اللاحقين (السلفية الجهادية من طراز فتح الإسلام) ، ضالع في الجريمة التي بنوا أمجاداً شخصية على أنقاضها وأشلاء ضحاياها.

أمس خرجوا علينا تباعاً ، الواحد تلو الآخر ، هذا يتحدث عن عرض متهافت وذاك يستذكر "أفلاماً جيمس بوندية" ، وثالث يتهم نصرالله بالتستر على الأدلة ومحاولة تضليل العدالة ، والغريب أن بعض هؤلاء هم من المتهمين بـ"فبركة" شهود الزور ، وبعضهم سبق العملاء المائة والخمسين الذين ألقي القبض عليهم في العامين الأخيرين ، بالعمالة لإسرائيل ، وبعضهم الثالث ، أبدى من قبل حماساً منقطع النظير في اتهام سوريا ، وهو يبدي اليوم حماساً أشد في تبرئة سوريا واتهام حزب الله.

سبحان الله ، ما كاد الأمين العام ينهي كلامه ، حتى طفقت "الاوركسترا الجنائزية" تعزف "لحن الرجوع الأخير" ، على إيقاع واحد ومن دون "تنشيز" ، لكأنهم تتلمذوا جميعاً على يد "مُشغّل" واحد .

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات