صبر المصريين ينفد مع السيسي في ظل تدهور الاقتصاد

تم نشره الأحد 23rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 06:14 مساءً
صبر المصريين ينفد مع السيسي في ظل تدهور الاقتصاد
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي - ارشيف

المدينة نيوز- يظهر رسم ساخر بثته مواقع التواصل الاجتماعي مصريا يغرق ملوحا بيده طلبا للمساعدة. وفي اللقطة التالية يظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يقفز في الماء ليأخذ الساعة من يد الرجل ثم يلوذ مبتعدا.

يعبر الرسم عن جو اليأس والغضب بين المصريين الذين يعانون في ظل زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الغذاء وخفض الدعم الحكومي. ويخشى البعض تكرار الاحتجاجات العارمة التي أطاحت برئيسين سابقين على السيسي من السلطة.

فالتضخم الأساسي عند أعلى مستوياته في سبع سنوات قرب 14 بالمئة مع تضرر البلد الذي يستورد شتى احتياجاته من السكر إلى السيارات الفاخرة جراء نقص العملة الصعبة وزيادة الرسوم الجمركية.

رفعت الحكومة أسعار الكهرباء بين 25 و40 بالمئة في أغسطس آب وتطبق تدريجيا ضريبة قيمة مضافة عند 13 بالمئة أقرها البرلمان في ذات الشهر.

ومن المتوقع أيضا في إطار الإجراءات الرامية إلى الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي تحتاجه مصر بشدة لسد عجز الميزانية المتفاقم أن تقلص الحكومة دعم الوقود وأن تخفض قيمة الجنيه المصري مما سيقود إلى دورة تضخم جديدة في مصر التي يعتمد عشرات الملايين من سكانها على الخبز المدعم حكوميا.

يقول جمال درويش الموظف الحكومي وهو يقف في صف لشراء السكر بالقاهرة “الأسعار تزيد يوميا لا شهريا.

“الوضع سيدفع الناس إلى أشياء سيئة. قد يخرج عن السيطرة ولن تستطيع الحكومة احتواءه لأنه إذا كان الأشد فقرا عاجزا عن شراء ما يكفيه من الطعام فسيلجأ إلى السرقة. إذا كان عندك أطفال تطعمهم فماذا تفعل؟”.

تحاول الحكومة كسب التأييد الشعبي لإجراءات التقشف عن طريق حملة لافتات إعلانية بالشوارع وفي وسائل الإعلام وسعت إلى التوسع في برامج الضمان الاجتماعي لحماية الأشد فقرا من تداعيات ارتفاع الأسعار.

لكن مصريين كثيرين لا تشملهم تلك البرامج يشكون من أن اللحوم لم تعد في المتناول بينما يثير نقص السكر المخاوف من أزمة غذاء وشيكة.

وكانت العدالة الاجتماعية أحد المطالب الرئيسية للمحتجين في انتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة. وفي 2013 عاد المصريون إلى الشوارع للاحتجاج على حكم محمد مرسي الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الذي انتخب انتخابا ديمقراطيا عقب الانتفاضة لكن العام الذي قضاه في الحكم شهد انقطاعات في الكهرباء ونقصا في البنزين وقلاقل اقتصادية.

وبعد ثلاث سنوات من إطاحة السيسي الذي كان قائدا للجيش بمرسي وتسلمه السلطة فإن تعهداته باستعادة الاستقرار تتبخر.

ففي حي السيدة زينب الذي تقطنه الطبقة العاملة أحدث وصول السكر في شاحنة حكومية يوم الثلاثاء جلبة إذ تدافع الناس رافعين ورقة العشرة جنيهات للحصول على كيلوجرامين لكل منهم.

وقال عبد الحسيب أحمد محمد موظف المحكمة وهو يراقب حشد السكر “بعد ثورتين الشعب المصري يرجع إلى الخلف بدلا من أن يتقدم إلى الأمام.. نحن نتجه إلى انفجار وهذه المرة لن يكون سلميا”.

* لا أجوبة سهلة

بالنسبة للحكومة فإن مبررات الإصلاح الاقتصادي والحاجة لإبرام برنامج إقراض مزمع مدته ثلاث سنوات مع صندوق النقد الدولي واضحة.

فمن المرجح أن ينمو الاقتصاد المصري 3.5 بالمئة في السنة المالية 2016-2017 بحسب استطلاع أجرته رويترز يوم الخميس بينما يبلغ الهدف الحكومي خمسة بالمئة وكان معدل النمو في العام الماضي أعلى من ذلك.

عجز الميزانية يقترب من عشرة بالمئة من الناتج القومي. نقص العملة الصعبة زاد صعوبة الاستيراد بالنسبة للشركات وصعوبة تحويل الأرباح للخارج بالنسبة للمستثمرين الأجانب. البعض أوقف النشاط بعد عامين تقريبا من القيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال والواردات.

لقد دفع تقنين الدولار في البنوك رجال الأعمال صوب السوق السوداء حيث يباع الدولار الآن بأكثر من 15.5 جنيه مقارنة مع سعر رسمي لا يزيد على حوالي 8.8 جنيه.

ولم يحصل برنامج صندوق النقد لمصر بعد على الموافقة النهائية من الصندوق لأنه يجب أن تجمع الحكومة أولا ستة مليارات دولار تمويلا ثنائيا بما يتيح لها هامش السيولة الضروري لخفض قيمة العملة والتخلي عن سعر الصرف الثابت. ويقول صندوق النقد إنه يساعد مصر في تدبير الأموال الضرورية.

وكانت الحكومة قالت الأسبوع الماضي إنها جمعت 60 بالمئة من التمويل الثنائي مما رفع الاحتياطيات الأجنبية إلى 19.6 مليار دولار في سبتمبر أيلول.

ويقول طارق عامر محافظ البنك المركزي إنه سيدرس تعويم الجنيه عندما تصل الاحتياطيات إلى 25 مليار دولار.

لكن ارتفاع الأسعار والنقص المتكرر في المواد الغذائية المدعمة أجبرا الحكومة على زيادة مشترياتها مما يستنفد سريعا تلك السيولة الدولارية الجديدة في وقت تهدف فيه إلى خفض الإنفاق.

وقد واصل الجنيه تراجعه في السوق السوداء منذ إعلان اتفاق صندوق النقد في أغسطس آب وهو ما ينطوي على تحد كبير أيضا.

ويقول الاقتصاديون إنه إذا قام البنك المركزي بتعديل طفيف لسعر الصرف فإن الضغط سيتصاعد على الجنيه. لكن إذا قام بتعديل في حدود ستة إلى ثمانية جنيهات فقد يدفع باتجاه انفجار سياسي واجتماعي.

وفي حين أن أثر سعر السوق السوداء قائم في معظم أنحاء القطاع الخاص فإن خفضا حادا لقيمة العملة سيكون عالي التكلفة للحكومة التي تستورد آلاف الأطنان شهريا من السلع الضرورية مثل القمح والزيت لبرنامج دعم الغذاء وشراء الغاز المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء.

وتنتشر شائعات بأن 11 نوفمبر تشرين الثاني سيكون يوما للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية. واحتجزت الشرطة بالفعل نحو 70 شخصا بدعوى التحريض على الاحتجاجات متهمة الكثير من أنصار الإخوان المسلمين. والجماعة محظورة باعتبارها منظمة إرهابية وهي التهمة التي تنفيها.

وقال أنجوس بلير مدير العمليات ببنك الاستثمار فاروس القابضة في القاهرة “تضخم أسعار الغذاء في مصر… تراجع قليلا عنه قبل عام في سبتمبر لكن بالنسبة للفقراء أرى أنه مازال عند مستوى ضار سياسيا.. إنه مبعث قلق وبخاصة مع دعوات التظاهر في 11 نوفمبر”.

* “بلا رؤية”

يحاول السيسي في خطبه إقناع المصريين بضرورة تقديم تضحيات مشتركة لحماية البلد من الخراب المالي ووصل الأمر إلى حد حث الناس على التبرع بالفكة في تصريحات كانت مثار سخرية على الانترنت.

لكن الرجل الذي سحق الإخوان وسجن المعارضين العلمانيين حذر أيضا من أن الجيش قد ينتشر خلال ست ساعات في حالة حدوث اضطرابات عامة.

ولا توجد بوادر حتى الآن على احتجاجات عارمة مثل التي شهدها 2011 أو 2013 لكن الغضب من زيادة تكاليف الإسكان الاجتماعي تحول إلى مظاهرة شارك فيها المئات بمدينة بورسعيد الواقعة عند مدخل قناة السويس ذات الأهمية الاستراتيجية الأسبوع الماضي.

ولا يقتصر الخوف من المستقبل على فقراء المصريين فرجال الأعمال الذين يكابدون الأمرين يوميا في ظل أزمة الدولار تساورهم مخاوف أيضا.

يقول أشرف مرقص الذي يدير شركة استيراد وتصدير “أزمة الدولار سيئة لدرجة أن البضائع تتراكم في الميناء منذ فترة طويلة ولا يمكن إخراجها. الدولار غير موجود… والوضع يتدهور”.

وبعض السياسات الجديدة تبدو متناقضة مع مسعى الإصلاح الحكومي. فعلى سبيل المثال قال وزير التموين الأسبوع الماضي إن الدولة ستزيد الدعم على البطاقات الذكية بدلا من أن تخفضه مما سيعطي المصريين نقاطا أكثر لشراء الخبز وغيره.

يقول مرقص “هذه الحكومة بلا رؤية ولا توجد شفافية في سياساتها.. ما يحتاجه البلد الآن ليس التصريحات. الناس بحاجة إلى الضروريات الأساسية.. إلى الأكل والشرب”.(رويترز)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات