مسؤولية السلطة التنفيذية التطبيق

تم نشره الأربعاء 26 تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:13 صباحاً
مسؤولية السلطة التنفيذية التطبيق
مروان المعشر

منذ أصدر جلالة الملك ورقته النقاشية السادسة بعنوان "سيادة القانون أساس الدولة المدنية"، تحاول الأطراف كافة؛ المدنية والدينية، تصوير الورقة وكأنها دعم لموقفها، وذلك بانتقاء عناوين معينة وتجاهل باقي ما جاء في الورقة. ومن الضروري بمكان الخوض في تفاصيل الورقة بأمانة، حتى نقف حقا على ما عناه جلالة الملك.

أولا، وقف جلالة الملك بوضوح مع الدولة المدنية التي جاءت جزءا من عنوان الورقة. لكنه لم يكتف بذلك، بل عرّف أسس هذه الدولة، فقال إن أساسها هو سيادة القانون الذي تبنى على أساسه الديمقراطيات، وهي الدولة التي يشكل الدستور والقوانين فيها الإطار العريض الذي يحكم الناس، ولم يذكر جلالته أي إطار آخر. وهي، حسب تعريف جلالته "دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة أن تتغول على أخرى". وهي دولة "تمتاز باحترامها وضمانها" (لاحظوا ضمانها) "للتعددية واحترام الرأي الآخر". وهي دولة "تحمي" (لاحظوا تحمي) "أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية".

ثانيا، بعيدا عن التعريفات الأكاديمية للفرق بين "المدنية" و"العلمانية"، فقد أوضح الملك أن الدين "عامل أساسي في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية". وفي الجملة نفسها استطرد بأنه "لا يمكن أن نسمح لأحد أن يستغلّ أو يوظف الدين لتحقيق مصالح وأهداف سياسية أو خدمة مصالح فئوية". إذن، الدين جزء من المنظومة الأخلاقية للأردنيين، من دون أن يُسمح لأحد باستغلال تفسيره للدين ليتغوّل على باقي فئات المجتمع. ويتبع أن الدولة المدنية ليست ضد الدين، لكنها حامية لجميع الأديان والمعتقدات كافة، وواقفة في وجه من يكفّر أو يخوّن أو يحاول قسرا تفصيل المجتمع على قياسه فقط.

ثالثا، حسم جلالة الملك موضوع المواطنة بوضوح، حين قال إن الدولة المدنية "دولة تضمن الحريات حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات المدنية". بل إن جلالته ذهب أبعد من ذلك حين أشار إلى ميثاق صحيفة المدينة "على أنه أول دستور مدني في التاريخ، حيث اعتمد على مبدأ المواطنة الكاملة، فقد ساوى بين المسلمين وغير المسلمين من حيث الحقوق والواجبات". وأسهب أن هذه الحقوق والواجبات تحدد "دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري".

رابعا، كان جلالته واضحا ليس فقط من ناحية أن سيادة القانون أساس الدولة المدنية، ولكن أيضا من ناحية أن الدولة لا تطبق ذلك حاليا، بل أعرب عن غضبه كلما فقد طالب متفوق فرصته (بسبب الواسطة والمحسوبية وعدم تكافؤ الفرص)، أو كلما نعم مجرم بالحرية دون مساءلة (لأن سيادة القانون لا تطبق بعدالة).

بعد هذا الإسهاب الواضح، فإن الجدل حول ماهية الدولة ينبغي أن يتعدى العناوين ويدخل في المضامين. فإن كان تعريف الدولة المدنية هو ما جاء في الورقة الملكية النقاشية، فإنني وكثيرين "نبصم بالعشرة"، إذ إن مثل هذا التعريف ينقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة، إن طبّق. وهنا بيت القصيد.

هل نطمح لأن تقوم السلطة التنفيذية بوضع الآليات التي من شأنها تطبيق ما جاء من رئيس السلطة التنفيذية؟

على الدولة مسؤولية الإجابة عن هذا السؤال، بل ومسؤولية قوننة ما يدعو إليه الملك، إذا كانت معنية بعدم توسيع فجوة الثقة مع المواطن.

(الغد2016-10-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات