الأمل بالرجوع عن المقاطعة

فعل حزب جبهة العمل الإسلامي حسنا بالمشاركة في اجتماع الأحزاب مع وزير الداخلية الذي لم يقصّر بدوره في توجيه حديث دافئ لحزب الجبهة والمقاطعين ودعوتهم للمشاركة.
تتحدث بعض التسريبات عن وجود اتجاهين في الحكومة؛ واحد صقوري يرفض فتح قنوات الحوار مع المقاطعين، ولسان حاله يقول من تسلق الشجرة فلينزل عنها، وآخر حمائمي يؤيد فتح الحوار وتوفير سلم للمقاطعين للنزول عن الشجرة.
يحسب وزير الداخلية على التيار الصقوري، لكن حديثه أول من أمس للأحزاب لم يكن متشددا ابدا، وسانده الأمناء العامون للأحزاب في توجيه النداء لجبهة العمل الاسلامي للعدول عن المقاطعة، باستثناء حزب الوحدة الشعبية الذي التحق بالمقاطعة، وقال أمينه العام إن القضية لا تحلّها الجاهات، بل التفاهم على إزالة الأسباب التي أدّت إلى القرار.
الحكومة ترفض طبعا اي اتهامات بالتشدد أو الغطرسة واللامبالاة تجاه مقاطعة الاسلاميين، لكنها، كما تقول أوساطها، لا تستطيع الخضوع للابتزاز، ولا تطلب التفاوض فهي فوق الأطراف، وتقوم على تطبيق القانون، ولا تعتبر نفسها في خلاف ثنائي مع أحد، وترى أوساط في الدولة أنه لا يجوز تحت اي اعتبار ان تظهر الحكومة ضعفا وأن تركض وراء الإخوان لنشدان رضاهم.
هل طرأ تغيير على هذا الموقف، وهل يمكن اعتبار لقاء وزير الداخلية مع الاحزاب السياسية صيغة مواربة للعودة إلى الحوار ورسالة غير مباشرة لحزب الجبهة الذي قرر المشاركة في الاجتماع؟
جبهة العمل الاسلامي تريد لقاء ثنائيا صريحا مع الحكومة للحوار حول مطالبها، وحدوث ذلك بحدّ ذاته يشكل مكسبا سياسيا يمكن معه إبداء ليونة في المطالب لتخرج بنصر سياسي ولو بتحقيق 10 % من المطالب.
وقد ألمح الأمين العام لجبهة العمل، حمزة منصور، إلى أن الاجتماع مع كل الاحزاب، أكانت داعمة للمقاطعة او للمشاركة، ليس الصيغة المنشودة.
نحن في الواقع سنكون أمام عقبة تبدو شكلية لكنها جوهرية! فمن يطلب اللقاء؟ الموقف المتوقع من الحكومة أنها يمكن أن تنظر في طلب أي حزب سياسي اللقاء معها، وهذا طبيعي لكنها ليست مستعدّة ان تطلب هي اللقاء مع حزب سياسي بعينه.
من حيث المحتوى وضعت جبهة العمل شرطا هو تغيير قانون الانتخاب نفسه! وهذا شرط مستحيل، فلا أحد في اي دولة يستطيع اشتراط نظام انتخابي معين للمشاركة، ثم إن المسار الانتخابي وفق القانون الجديد قطع نصف الطريق، والمرجح ان النظام الحالي سيكون انتقاليا. وقد ألمحت بعض أوساط القرار الى ذلك. وستكون هناك جولات مقبلة من الحراك العميق حول القانون المنشود في ضوء التجربة الجديدة.
الدائرة الفردية التي أقرّها القانون الحالي كانت خيارا طرحه الإخوان دائما، أمّا التعويم الجغرافي للدائرة الفرعية (الدائرة الوهمية) رغم غرابته، فهو لا يضرّهم، بل ينطوي على فرص تكتيكية فريدة لهم.
إذا لم تشلّ الأزمة الداخلية القرار الإخواني، ففرص الحوار غير الرسمي مع الحكومة قائمة، ويمكن الحصول على الضمانات الضرورية لنزاهة الانتخابات، لأن هذا التوجه هو القائم الآن فعليا.
الغد