حيلة انتهت صلاحيتها!

تم نشره الأحد 22nd آب / أغسطس 2010 03:43 صباحاً
حيلة انتهت صلاحيتها!
خيري منصور

الذهنية التي سادت في هذه الاونة التي يصعب تصنيفها لانها سخام مطلي بالرخام دفعت العرب المعاصرين الى البحث عن ذرائع للفرار من مسؤولياتهم القومية والاخلاقية ، وفي مقدمة هذه الذرائع الانزلاق نحو التجريد ، بحيث يتم الفصل بين الصفة والموصوف ، فالعروبة بهذا المعنى شيء والعربي شيء اخر ، والفساد شيء والفاسدون شيء مختلف ، انها متوالية تشمل مناحي حياتنا كلها.. ولا يسلم منها حتى الدين ، خصوصا في هذا الشهر الكريم حيث تنقطع الصلة بين الصوم واهدافه وتصبح القضايا الجوهرية مجرد طقوس لا تختلف كثيرا عن طقوس العزاء وجاهات الاعراس،.

ان ما كتب عن العروبة من اناشيد ومدائح يثير الدهشة ونحن نرى كل هذا التنكيل بالعربي ، والحكاية ذاتها تكررت في تمجيد فلسطين والتغني بها في الوقت ذاته الذي يتعرض فيه الفلسطيني الى اقسى واقصى الشقاء والحصار.

ولا ندري كيف وباي فقه تم مثل هذا العزل بين اللحم والعظم ، وبين العظم والنخاع ولا بد لنا ان نتخلى عن ثلاثة ارباع العقل كي نصدق بان الجمال معزول عما جميل والحق لا علاقة له بمن اعتدي على حقوقه.

ان هذا التجريد هو بحد ذاته اختراع خلقته حاجتان ، الاولى حاجة النجاة والفرار بالجلد على طريقة سعد وسعيد حسب الحكاية التراثية المعروفة والثانية الهرب من النافذة الخلفية لان الحافلة على وشك الاحتراق.

وقد انتهت بنا متوالية التجريد هذه وسلخ الصفة عن الموصوف الى ان نكون متمدنين بلا مدنية وديمقراطية بلا ديمقراطية واصرار بلا حرية ، وبامكان اي مراقب ان يرصد اقتران ظاهرتين في الحياة العربية خلال هذه الفترة ، الاولى الالحاح على الثقافة والثرثرة بلا حدود عن منافعها وما يمكن ان ينجم بسبب غيابها والظاهرى الثانية هي وأد المثقفين تباعا وكأن هناك كتبا بلا مؤلفين او ثقافة بلا مثقفين.

والارجح ان صلاحية هذا الاختراع قد انتهت وافتضحها الواقع بكل ما يعج به الان من تناقضات فالناس توشك ان تأكل بعضها وحالة العمى تحولت من اصابات فردية لمن لا يرون ابعد من انوفهم المزكومة الى وباء قومي. واعجب ما في الامر ان هناك من لا يزالون يتحدثون بسطحية عن التفاؤل والتشاؤم وقد يضاف التشاؤل الذي اشتقه الراحل اميل حبيبي الى هذه الثنائية فالمستقبل لم يعد رجما بالغيب او قراءة في الفناجين والطوالع ، انه حسب تعريفه العلمي الدقيق حاصل جمع الممكنات في الحاضر وما كانت جداتنا الاميات يعبرن عنه ببساطة هو هذا التعريف بدقة ، فقد كن يقلن ما في القدر سوى تخرجه المغرفة ، لهذا سيكون قد جن تماما من ينتظر العسل من الذباب او عصير البرتقال من الحنظل،.

ان ما قرع من اجراس خلال هذه الاعوام يكفي لايقاظ الموتى ، ويثبت طبلة الاذن ، لكن الطرشان لا يسمعون واكثر من ذلك فهم يسخرون من اشارة للنذير.

والسائرون نياما على موعد محتم مع السقوط عن حافة السطح الى القاع ، لان من عزلوا كل الصفات عن الموصوف بقي لهم ان يفصلوا بين العقل والعاقل،،.

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات