وعادت القاعدة..

تم نشره الجمعة 27 آب / أغسطس 2010 04:26 مساءً
وعادت القاعدة..
محمد أبو رمان

سلسلة العمليات والهجمات الانتحارية الأخيرة التي استهدفت أفراداً في الصحوات ومراكز الشرطة العراقية ومراكز أخرى وأدت إلى حالة أشبه بـ"الفوضى الأمنية"، هي بمثابة بلاغ شديد اللهجة بعودة قوية لقاعدة العراق.

القاعدة عانت منذ منتصف العام 2007 من تراجع وانكماش وضربات أمنية شرسة أنهت فصولاً من صعودها المطّرد، ونفوذها الكبير، وانتهت إلى مقتل قياداتها الأخطر بدءاً من أبي مصعب الزرقاوي وصولاً إلى أبي أيوب المصري وأبي عمر البغدادي، وفي السياق جرى اعتقال أبرز قادتها الميدانيين.

نقطة التحوّل في مسار القاعدة باتجاه التراجع والانحسار بدأت منذ أن دخلت في صدام مع القوى السنية المقاومة الأخرى، وبصعود مزاج سياسي جديد داخل المجتمع السني لا يرى في القاعدة خياراً استراتيجياً أو مناسباً له، وجرت عملية تحول كاملة في تعريف مصادر التهديد والخطر من الاحتلال الأميركي إلى خطورة النفوذ الإيراني، ما نجم عنه تشكل الصحوات العشائرية نتاج إدراك سياسي جديد، وليس إبداعاً أمنياً أميركياً، وهي التي شكّلت ضربةً قاتلة للقاعدة، كما اعترف سابقاً أميرها المقتول أبو عمر البغدادي.

تحولات المجتمع السني واستداراته أفضت به إلى مشاركة نوعية جديدة وبنسبة مكثفة، وأكثر تركيزاً، ومحاولة للانخراط في مؤسسات الدولة لكسر شوكة النفوذ الإيراني وهيمنة القوى الشيعية عليها، وكانت الصدمة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إذ استطاع السنة بالتحالف مع رئيس الوزراء السابق العلماني- الشيعي، إياد علاّوي الحصول على أكبر عدد من المقاعد، واجتياز قائمة رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي بدا للحظة تاريخية سابقة وكأنه "زعيم العراق الحديدي" الجديد.

تأخر تشكّل الحكومة واختلاق الكيانات الأخرى للحيل المختلفة، وتعقيد عملية إجراء تحالفات التشكيل، إلى شهور طويلة، ولّد لدى السنة مرة أخرى الشعور بأنّ مخرجات اللعبة السياسية لن تقبل لو كانت في صالحهم، وردّ الاعتبار لخطاب التيار الواسع المشكّك في العملية السياسية، وبضرورة الإبقاء على مقاطعتها.

اليوم، ومع إتمام الأميركان سريعاً انسحابهم من العراق، بلا أي ضمانات سياسية حقيقية، ومع صعود الخطاب المتطرف الجديد في الأوساط السياسية الشيعية، والقيام بملاحقة الصحوات قضائياً وأمنياً، بذرائع واسعة وحجج عديدة، ومع تعطّل العملية السياسية، وإعاقة إدماج السنة مرة أخرى في مؤسسات الدولة، كل ذلك بمثابة تخليق جديد لشروط إحياء القاعدة ومدّها بشريانات واسعة للحياة والنشاط والتجنيد.

هنا، تحديداً، يكمن "تقاطع المصالح" بين القاعدة وإيران في تمديد مرحلة الفوضى السياسية واستعادة الفوضى الأمنية، والعودة إلى مربع "الفتنة الأهلية"، ونذر الحرب الداخلية المقلقة.

مصلحة إيران، التي دخلت في طور جديد يوشك على الانفجار في أزمتها مع الولايات المتحدة على خلفية برنامجها النووي، أن يدور العراق في مربع "الفوضى المحدودة"، لتبقيه ورقة لنفوذها ولحسابات الصراع الإقليمي مع الولايات المتحدة.

أمّا القاعدة، فإنّ الفوضى السياسية والأمنية، هي الحليف الاستراتيجي لقدرتها على التجنيد والتعبئة واستقطاب الأنصار والمؤيدين، ما يجعل من هذه اللحظة الراهنة فرصة للعمل والجهد الاستثنائي، إذ إنّها بمثابة المفتاح الذهبي للعودة.

( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات