بان كي مون، اعتذار واعتراف قبل الرحيل: المنظمة خيبت آمال السوريين
المدينة نيوز :- خلال كلمته الأخيرة كأمين عام للأمم المتحدة، الجمعة 16 كانون الأوّل، اعتبر بان كي مون أنّ المنظمة خيبت آمال الشعب السوري، وذلك في إطار الحديث عن الأوضاع المأساوية التي تشهدها مدينة حلب.
كما أبدى كي مون أسفه لتعليق عمليات إجلاء المحاصرين من حلب، وأضاف أنّ "السلام لن ينتصر إلا عندما تترافق معه الرحمة والعدل".
وفي تصريحاته التي أدلى بها للصحفيين، قال كي مون إن "الأمم المتحدة تقف بكل مواردها وموظفيها خلف ذلك، وتطلب من الأطراف كلها اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإتاحة الفرصة لاستئناف عملية الإخلاء بأمان تام".
ما مدى صحة ومصداقية تصريحات بان كي مون؟
شغل بان كي مون منصب الأمين العام للأمم المتحدة منذ عام 2007، واستمرت أمانته لمدة عشر سنوات. وتنتهي ولايته مع نهاية هذا العام. وتم انتخاب أنطونيو غوتيريس خلفاً له والذي سيتسلم مهامه في مطلع العام الجديد. ويتميز بان كي مون بالهدوء الشديد وميله للحلول الدبلوماسية والسلمية والبعيدة عن العنف. وانعكس ذلك بشكل جليّ في مواقفه وتصريحاته. ولكن يرى الكثيرون بأن مواقفه سلبية جداً وغير مؤثرة على الإطلاق، ويتخوفون من أن يسير غوتيريس على نهجه.
وبحكم منصبه الرفيع ومكانة منظمته الكبيرة والمؤثرة دولياً، فقد انتظر السوريون منه الكثير، وعلقوا عليه وعلى منظمته آمالاً كبيرة في إيجاد حل جذري للأزمة في سوريا وتحريك الدول الكبرى لمساعدة الشعب السوري والضغط على الدول الداعمة لنظام الأسد لإيقاف شلالات الدم التي يسفكها نظام الأسد في كل أنحاء سوريا. ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل. وبقي بان كي مون متّبعاً سياسة التنديد والإدانة الشفهية وإبداء "القلق" الشديد، الذي اشتهر به، طوال فترة الأزمة إلى أن يئس السوريون منه ومن مواقفه الغير فعالة على الإطلاق. وبدت محاباته للدول الكبرى وذات الأنظمة القمعية واضحة لدى الجميع.
لذلك فما قاله بان كي مون عن أن الأمم المتحدة خذلت السوريين هو فعلاً أقل ما يُقال. فحتى في آخر موقف للأمم المتحدة، فيما يخص عملية إجلاء النازحين من حلب، وبدلا من اتخاذ إجراء فعال وعملي، أقرّ المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، يوم الأربعاء، بفشل اتفاق خروج المسلحين من شرق حلب. وقال في بيان له: "إنني مندهش مما يبدو أنه فشل الاتفاق الذي كان سيتيح إجلاء آلاف المدنيين، بمن فيهم الجرحى والمرضى، من أراضي شرق حلب الخاضعة لسيطرة المسلحين".
ويتهم الكثيرون من المعارضة وغيرها انحياز الأمم المتحدة إلى صف أعداء الشعب السوري، والسعي لتنفيذ مخططاتهم. فقد اتهمت المعارضة، في نهاية تشرين الأول، الأمم المتحدة بالإسهام في تفريغ حلب، حيث هاجمت المعارضة السورية، بشقيها السياسي والعسكري، منظمة الأمم المتحدة، بشأن إجلاء المصابين والمدنيين من أحياء حلب الشرقية، بدلاً من مساعدتهم وهم في مدينتهم، وذلك في اليوم الثاني على التوالي لسريان هدنة في المدينة أعلنتها روسيا، بهدف إجلاء مقاتلين ومدنيين راغبين في مغادرة الأحياء الشرقية.
ويرى البعض بأن اعتذار بان كي مون اليوم يأتي كنوع من إرضاء للضمير قبل الرحيل، واعتراف بالإخفاق والتقصير تجاه كل من خذلهم وخذلتهم المنظمة، ولعله يخرج ببعض ماء الوجه الباقي له، إن بقي منه شيء.
إذاً فمن يتابع تصريحات ومواقف بان كي مون سيكتشف بسهولة بأن أشد مواقفه تجاه أكبر الأزمات في العالم مثل السورية واليمنية وغيرها، كانت التعبير عن "قلقه" دون اتخاذ أي خطوة من شأنها إنهاء تلك النزاعات أو الحدّ من انتشار القتل والظلم والإرهاب. وهذا ما كان يثير موجة انتقادات وسخرية واسعة من الرأي العام وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
وها قد انقضى عهد قلق بان كي مون، فهل يا تُرى سيتسلم غوتيرس راية القلق منه ويتابع على نفس نهجه، أم أن لغوتيرس كلام آخر؟ والسؤال الأخطر هو: هل كانت المشكلة في شخصية بان كي مون نفسه، أم أن هناك أيادٍ خفية ترسم نهج المنظمة على طريقتها الخاصة وبما يتناسب مع مقاس مصالحها ومصالح حلفائها؟