المعلمون مفتاح الحل

ارتفاع وتيرة التصعيد مؤشر حل أكثر منه نذير انفجار. مقاطعة الإخوان المسلمين للانتخابات، ومعاقبة المعلمين النشطاء بالاستيداع.. وغير ذلك لن يفضي إلى ثورة شعبية عارمة تولد منها حكومة إنقاذ وطني. وفي تاريخ الأردن لا يوجد ثورات ولا حكومات إنقاذ وطني، حتى أحداث معان 89، لم تكن ثورة عارمة بقدر ما هي ردة فعل عفوية لم يسبقها تخطيط من القوى المنظمة.
وبعد 89 لم تشكل حكومة إنقاذ وطني ولا وحدة وطنية، راعت حكومة مضر بدران المزاج الشعبي الذي انحاز للإخوان المسلمين من خلال الالتزام بشروطهم من دون مشاركتهم في أول الأمر ثم دخولهم في التعديل بخمس حقائب. وقد أحسن الإخوان يومها قراءة المشهد عندما تعاملوا بواقعية. ولم يتورطوا بأوهام ثورية. كان ذلك في وقت بلغت قوة الإخوان أوجها.
لا يوجد عاقل يزين اللحظة الراهنة، والمسؤولون الحكوميون ينافسون المعارضة في تشخيص أرقام العجز والمديونية. في المقابل أوضاع المعارضة ليست زاهية. وعليها أن تتواضع قليلا وتدرك ما هي إمكانات حركتها.
يقاطع الإخوان ويشترطون للعودة قضايا عامة لا خاصة. أي لن يطالبوا باستعادة جمعية المركز الإسلامي، ولكن يطالبون بتلبية مطالب المعلمين. هذا كلام عاقل وليس عدميا. ولكن ما هي المطالب الممكنة؟ أيام الخير لم يسمح بإقامة نقابة، والحل الواقعي هو قيام اتحاد معلمين، وسيكون هذا مكسبا كبيرا لقطاع المعلمين وللإخوان وللحكومة.
الحكومة ستقول إنها استأنفت الحوار مع المعلمين بعد خروج وزير التأزيم، ولن تهدي الإنجاز للإخوان، في المقابل سيقول الإخوان لقواعدهم إنهم حققوا إنجازا. وهو ما ينزلهم عن شجرة المقاطعة. السياسة مجموعة مساومات وتنازلات وتوافقات.
الذين ليس لديهم ما يخسرونه هم الأكثر تشددا. المعلمون لديهم ما يكسبون وما يخسرون، فالعودة عن الإحالات على الاستيداع مكسب، وإنشاء إطار مؤسسي للمعلمين مكسب، أما بقاء الوضع على ما هو عليه الآن فلا شك أنه خسارة، ولا يدرك الثوريون من وراء شاشات الحاسوب حجم الكارثة التي تحيق بمن أحيل على الاستيداع.
لقد لخص حراك المعلمين أزمات الأردن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد أخطأت القوى التي بالغت في قوة الحراك تماما كما أخطأت الحكومة عندما استهانت بقوته.
ليست لعبة صفرية، نخرج فيها بغالب ومغلوب، وبموازين القوى، ظلت الحكومات منذ العام 1993 الطرف الأقوى الذي يخرج غالبا في اللعب الصفرية. والمعارضة الأردنية وعلى رأسها الإخوان عليها أن تعمل جردة حساب لخسائرها في المرحلة الماضية.
يؤمل أن يشارك الجميع في مكاسب حل قضية المعلمين، بدءا من إعادة النشطاء إلى عملهم وصولا إلى اتحاد. وهو ما يهيئ الأجواء لانتخابات بأجواء صحية مرضية. وإلا علينا أن ننتظر حكومة الإنقاذ الوطني، وبإمكاننا أن نرجع للأرشيف لنعلم كم مضى علينا ونحن ننتظر!
الغد