العجز التجاري-لماذا ؟

أظهرت الإحصاءات الرسمية أن مستوى النشاط التجاري سـجل ارتفاعاً حـاداً خلال النصف الأول من السنة، فقد ارتفعت الصادرات الوطنية بنسبة 6ر16% (30% في شهر حزيران). وارتفعت المستوردات بنسبة 7ر11% (4ر17% في شهر حزيران) وهي نسب عالية تستحق الوقوف عندها واستقراء إيجابياتها وسلبياتها.
كانت النتيجة أن العجز في الميزان التجاري ارتفع بنسبة 1ر18% ، وكان السبب الرئيسي في هذه الزيادة هبوط عمليات إعادة التصدير وخاصة إلى العراق، وبقيت نسبة تغطية ثمن المستوردات من حصيلة الصادرات حوالي 47%.
بعض المحللين قرأوا في هذه الأرقام ظاهرة سلبية، وهي ارتفاع العجز في الميزان التجاري، ولكن هناك جوانب إيجابية يجب أن لا تخفى. وحتى ارتفاع حجم المستوردات له دلالة إيجابية فهو يدل على ارتفاع مستوى المعيشة من جهة، وارتفاع حجم الاستثمار من جهة أخرى، وهما عاملان من شانهما زيادة الاستيراد لتلبية الطلب الاستهلاكي والطلب الاستثماري.
من ناحية أخرى فإن مقارنة أرقام التجارة الخارجية لهذه السنة بما كانت عليه في العام الماضي ليس مفيداً، فالعام الماضي كان فترة ركود وانكماش اقتصادي، وانخفاض المستوردات في تلك الحالة له دلالة سلبية كما هو واضح. وإذا كان هناك عودة للنشاط والانتعاش الاقتصادي فلا بد من قبول هذا الثمن.
خطورة العجـز في الميزان التجاري يمكن التقليل منها إذا كان قطاع الخدمات يحقق فائضاً ، وإذا لم يكن العجز في الحساب الجاري في حالة ارتفاع، وأخيراً إذا كان هـذا العجـز لم يـؤد ِ إلى ضغط على ميزان المدفوعات ونقصان في احتياطي المملكـة من العملات الأجنبية.
من المستحسن في أي بلد أن تتم تغطية المستوردات من حصيلة الصادرات ولكن، في ظروف الأردن الموضوعية، نجـد أن جانباً من المستوردات الاستهلاكية يمول من حوالات المغتربين إلى عائلاتهم المقيمة في الأردن، وأن جانباً من المستوردات الرأسـمالية يموّل من تدفقات الاستثمار الخارجي، وبالتالي لا يشكل خطورة ولا يضغط على موارد البلد المالية.
ارتفاع مستوى نشاط التجارة الخارجية، استيراداً وتصديراً، هو مؤشر قوي على عودة الانتعاش الاقتصادي وارتفاع معدل النمو.
الراي