حكايات ناقصة

تم نشره الأربعاء 01st أيلول / سبتمبر 2010 06:25 صباحاً
حكايات ناقصة
خيري منصور

اذا صح بأن العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، فان كثيرا مما تعلمناه في طفولتنا كان ناقصا ومنه ما كان ولا يزال نقشا على شواهد القبور وليس على مهود الاطفال ، فالحكايات التي كانت تروى للاطفال كي يناموا تبدلت ، لهذا أصر صديقي الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر أن يكتب حكايات للاطفال كي لا يناموا ، فهذا زمن ذبح الاطفال ووأدهم أحياء.

ومن الحكايات الناقصة ما تعلمناه عن تعليق الجرس في عنق القط ، فقد أوهمنا الكبار يومئذ بأن هناك قطا واحدا في هذا العالم قررت الفئران ان تعلق الجرس في عنقه كي يتاح لها الفرار اذا سمعت الرنين ، وهكذا بقيت ملايين القطط بلا أجراس ومن حكاياتنا الناقصة جزاء سنمار لأن قتل هذا المهندس البارع كي يذهب معه سر ذلك الصرح ، لم يقتل وعيه وعلمه بالعمران والعدوى الخلاقة التي انتقلت الى تلامذته ومساعديه.

وقد نسي من ألفوا تلك الحكاية أن الانسان يموت احيانا ليصبح موعودا بالقيامات المتعاقبة ، والانبياء والمفكرون والمصلحون والحالمون الذين اصبحوا من الخالدين لم ينج أحد منهم من العذاب والمطاردة والتنكيل ، لهذا فان سنمار العمران والسياسة والثقافة والاصلاح فكرة وليست مجرد كائن من لحم ودم يموت فيدفن معه علمه.

الحكاية الناقصة الثالثة عن الدب الأحمق الذي رمى حجرا ثقيلا على رأس صاحبه كي يطرد ذبابة كانت تحوم على أنفه ، والناقص في تلك الحكاية التي توارثتها أجيال هي ان الذبابة فرت ونجت وذهبت لتحوم وتبيض على أنف سيد نائم يحرسه دب أو كلب أو تابع.

والحكاية الرابعة عن زرقاء اليمامة التي لم يصدق قومها انها رأت جيوشا من الغزاة تتوارى خلف اغصان الاشجار ، واهم ما في الحكاية ان زرقاء اليمامة وازرق الشام وكل من لهم بصر حاد وبصيرة ثاقبة دفعوا الثمن ذاته ، فقد فقئت أعينهم ، وراحوا يبحثون عن مقعدين نجوا بأعينهم كي يجلسوهم على اكتافهم في واحدة من أتعس المقايضات والصفقات التي يضطر اليها العميان والمشلولون في مجتمع يعاقب العين اذا رأت ، ويبتر الساقين اذا رفضتا التقوس والانحناء.

والحكاية الخامسة عن ذلك النذل الذي كان يمشي بصحبة اثنين من الانذال ، وعندما رأوا امرأة عجوزا تتوكأ على عصا ، قال النذل الاول انه سوف يكسر ظهرها ليفوز بلقب أنذل انسان في العالم ، وبالفعل كسر ظهرها ، لكن الثاني الذي نافسه على اللقب قال له انها الآن تسعى كالسلحفاة ولا بد ان تنقلب على ظهرها كالسلاحف كي تتحول الى حجر وتموت. وحسب هذه الحكاية ، فان النذل الثالث سخر من صاحبيه وقال لهما انه اجدر باللقب وهو أنذل انسان في العالم.. لأن تلك العجوز هي أمه،،. القوس الناقص من هذه الحكاية ودائرتها السوداء هو النذل الرابع الذي روى المشهد ولم يتدخل،.

نستطيع احصاء الف حكاية وحكاية رضعناها مع الحليب وصدقناها ، لهذا سخرت ملايين القطط من ذلك الجرس ومن الفأر الذي جازف بحياته ليعلقه في عنق قط واحد ، تماما مثلما سخر الذباب من وفاء الدببة الحمقى لمن يعلفها،،.

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات