«دعاء» الراشد و«نصيحة» عواد

تم نشره الأربعاء 01st أيلول / سبتمبر 2010 06:27 صباحاً
«دعاء» الراشد و«نصيحة» عواد
عريب الرنتاوي

دعانا عبدالرحمن الراشد للدعاء للرئيس عباس بالنجاح في مهمته التفاوضية بواشنطن ، نحن لن نستجيب لهذه الدعوة ، أولا لعدم اقتناعنا بـ"ثالوث الأدعية والدعاة والأدعياء" ، وثانياً لإيماننا بعبثية المهمة التي يضطلع بها عباس والمفاوضات التي ينخرط فيها ، لذا سنضرب صفحاً عن المسألة برمتها.

لكننا لن ندير ظهرنا لمغالطتين اثنتين وردتا في المقال المذكور ، لا لشيء إلا لأنهما ترتقيان إلى مستوى تزييف الوقائع والوعي على حد سواء ، الأولى ، بقوله أن أئمة حماس في غزة تلقفوا "دعاء" الحاخام عوفاديا يوسف ، وتضرعوا إلى الله أن يأخذ عباس وفريقه التفاوضي... لم أسمع عن شيء مماثل ، وأظن أن مشاعر التقزز من يوسف وأخوته ، تفاعلت في صدور أئمة حماس ونشطائها كما تفاعلت في صدر كل فلسطيني. ولا أدري ما إذا كانت "النفس الأمّارة" هي التي دفعت الراشد لوضع أئمة حماس وعوفاديا يوسف في سلة واحدة ، أم هي أجندة العداء للحركة بما تمثل ومن تمثل ، كما أنني لا أدري إن كانت هذه المقاربة تعبر عن رأي الراشد الشخصي ، أم أنها تمثل "مدرسة" أو بالأحرى "كُتّابا" في التفكير السياسي "الاعتدالي".

أما المغالطة الثانية ، فقد أوردها الراشد في معرض تعداده للعوامل الباعثة على الحذر والتحفظ في إطلاق التقييمات المتفائلة بمستقبل مفاوضات واشنطن ، فهو يقدم الراشد "جبهة الرفض العربية الإيرانية على "اليمين المتطرف الإسرائيلي" في قائمة أعداء السلام من خاطفي الجند ومفجري السفارات. هنا يتبنى الراشد الرواية الإسرائيلية عن مهددات الأمن والسلم والاستقرار ، تماماً ومن دون زيادة أو نقصان ، فأعداء السلام من وجهة نظره ، هم جبهة عربية إقليمية ممتدة من طهران مرورا بدمشق والنبطية وانتهاء بغزة ، أما أعداء السلام على الضفة الأخرى ، فهم بعض الإسرائيليين الغلاة لا أكثر ولا أقل.

أما تفجّع الراشد على رفض عرفات "الخائف" من صواريخ حماس وانتحارييها ، لعرض الدولة الاستثنائي الذي قدمه باراك ، فمن المؤسف أن الرجل وبعد عشر سنوات من تلك "الحكاية المفبركة" ما زال وحده من يردد أكذوبة عرض باراك الذي لا يرد ولا يقاوم ، بل والاستثنائي على حد وصفه ، علماً بأن عشرات الكتاب والمؤرخين الإسرائيليين والأمريكيين ، فندوّا تلك المزاعم وكشفوا عن "خبثها وزيفها"... الراشد أساء للراحل ياسر عرفات في مقالته القصيرة مرتين ، الأولى باتهامه بتبديد فرصة باراك الاستثنائية ، والثانية بتصويره كـ"جبان" ارتعدت فرائصه عند أول عملية انتحارية لحماس ، وأرجو أن يمتلك الكاتب قبسا من شجاعة عرفات ورجولته ، ويعتذر له وللشعب الفلسطيني عن هذه الإساءة البليغة.

"نصيحة" عواد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد حذّر الفلسطينيين من إضاعة الوقت من دون التوصل الى حل للصراع مع إسرائيل ، وفقا لما نقلته وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية. عواد حذّر من أن ينتظر الجانب الفلسطيني سنوات أخرى طويلة حتى تحين الفرصة وتتزن القوى الإقليمية والدولية بينما تلتهم المستوطنات أرض فلسطين المحتلة يوما بعد يوم. مضيفاً أن ذلك الانتظار يهدد بألا يتبقى من هذه الأراضي ما يمكن للشعب الفلسطيني أن يقيم عليه دولته. مقارناً بين دخول مصر مفاوضات السلام بعد حرب أكتوبر في الوقت الذي عجزت فيه المقاومة الفلسطينية - للأسف - عن أن تفرض نفسها على قوة الاحتلال.

في ظاهر تصريح عوّاد حرص على الأرض والحقوق الفلسطينية ، أما في باطنه ، فتحميل المسؤولية عن عدم التوصل إلى حل للصراع إلى الجانب الفلسطيني ، لكأن الفلسطينيين هم من يرفضون الوصول إلى حل ، أو لكأن المطلوب من الفلسطينيين ، وفقا لعواد ، وهذا ما نخشاه حقيقةً ، هو أن يقبلوا بما يعرض عليهم ، حتى لا يأتي زمن ولا يعرض عليهم شيء يمكنهم من بناء الدولة واسترداد الحقوق.

عوّاد لم ينس حرب أكتوبر وقدرتها الهائلة على "تحريك عملية السلام" ، ولكنه تنكّر لواقعة تاريخية مهمة وهي قدرة "المقاومة اللبنانية" على إجبار الاحتلال على الجلاء عن الجنوب اللبناني من دون قيد أو شرط ، وبدل أن يدعو لتدعيم مقاومة الشعب الفلسطيني وصموده ، وتمكينه من رفع كلفة الاحتلال وإعادة التوازن لمعادلات القوى ، نراه يدعو الفلسطينيين - واقعيا وبلا رتوش - إلى قبول ما يعرض عليهم ، والمصيبة أننا وعوّاد نعرف أتم المعرفة ، ما الذي سيعرض على الفلسطينيين ، وعوّاد يعرف أكثر منّا ما المعروض على الفلسطينيين ، ومع ذلك فإن عوّاد ، يدعوهم للقبول ما ينثر لهم من فتات على موائد المفاوضات المباشرة.

الإمعان في التفاؤل خطر سياسياً ، كما قال عبدالرحمن الراشد محقاً - هي الجملة الوحيدة المحقة في مقاله المذكور - ويصبح أشد خطورة عن يصدر عن مسؤول ، ورفيع أيضاً ، أليس في الأمر "شبهة" رفع سقف التوقعات ، ومن الذي سيتحمل وزر اليأس والإحباط إن جاءت حسابات "بيدر واشنطن" مخالفة لحسابات حقل المسؤول الرفيع؟.
( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات