لا يجـوز أن تظل البنوك تفترض أن الخزينة تكفـل جميع الشركات الحكومية والمؤسسات العامة بشكل آلي لمجرد أنها قد لا تسمح لها بالإفلاس. فالشركات والمؤسسات العامة ذات الموازنات المسـتقلة يجب أن تعتمـد على مواردها الذاتية والمخصصات المرصودة لها في الموازنة العامة إن وجـدت. ومن الممكن ، عملياً ونظرياً ، أن يتعرض بعضها للإفلاس ، فلا تلتزم الخزينة بالتسـديد نيابة عنها.
أما القروض المضمونة بموجب كفالات حكومية صريحة ، نشأت بموجب قرارات من مجلس الوزراء ، فإن الخزينة تلتزم بتسـديدها إذا لم تقم المؤسسة المقترضة بالسداد من مواردها الذاتية. وفي هذه الحالة فإن الكفالات الحكومية يجب أن تدخل في إحصاءات الدين العام في بند مستقل.
إصـدار كفالة لصالح مؤسسة عامة أو سلطة رسمية يجب أن يسـتند إلى قدرة المؤسسة أو السلطة على السداد من إيرادات الاستثمار الذي تريد أن تموله ، لكن الجاري عملياً أن الكفالة الحكومية تصدر بأقل قـدر من العناية ، باعتبار أن المستقبل يعتني بنفسه.
عملياً تكفل الحكومة مؤسساتها ليس لتمويل اسـتثمارات ، بل لتغطي الخسائر المستمرة الناشئة عن فرض أسـعار بيع تقل عن الكلفة ، وفي هذه الحالة فإن الكفالة سـتدفع حتماً ، ويجب أن تعتبر ديناً على الحكومة وجـزءاً من إحصاءات الدين العام ، والقصد منها تأجيل الاعتراف بالخسـارة وتدويرها للمستقبل.
ينطبق ذلك على ديـون قطاعي المياه والكهرباء ، حيث تتحقق خسـائر كبيرة نتيجة تسـعير الماء والكهرباء بأقل من الكلفة ، أي أن الحكومة تشتري الاختلالات بالمال العام ، ولا يمكـن الاعتذار بحماية محـدودي الدخل ، لأن حمايتهم تكون بتخفيض أسـعار الشريحة الدنيا التي يسـتهلكونها.
من ناحية أخرى فإن على المؤسسات العامة التي تقترض المال من البنوك ، سواء كان ذلك بكفالة حكومية صريحة ، أو ضمنية أو بدون كفـالة ، أن تنشر مبزانياتها ونتائج أعمالها كل ربع سـنة شأن الشركات المساهمة العامة ، خاصة وأن أعضاء مجالس الإدارة في المؤسسات والشركات الحكومية لا يدخلون في صلب أعمال المؤسسة ، اكتفاء بقبض المكافآت وبدل التنقلات الشهرية ، لدرجة أن شركة حكومية كبرى لا تحتفظ بسجلات حسابية ومسـتندات توضح الأموال المقبوضة والمصروفة وهي بعشرات الملايين.
في غياب المحاسبة والمساءلة كل شيء ممكن ، والعواقب خطيرة.
كفالة المنشآت الحكومية
تم نشره الخميس 02nd أيلول / سبتمبر 2010 06:22 صباحاً

د. فهد الفانك
الراي