«زهرة» استنساخ أنثوي للحاج متولي!

لا يوجد شيء مفضل لدى كتاب السيناريوهات العرب مثل موضوع الزواج و"الجوازة" اللي مش لازم تتم أبدا ، ولكنها عادة ما تتم ، ويعيش العروسان في ثبات ونبات ، ويخلفون صبيانا وبناتا،
بعد النجاح اللافت الذي حققه مسلسل الرجل المزواج "الحاج" متولي في رمضان مضى ، التقط كاتب ذكي الحبل السري الذي شد المشاهد للمسلسل ، واختلق شخصية المرأة المزواجة ، التي كانت حاجة ، وخلعت عنها ثوب الحج والعمرة ، وتحولت إلى ما يشبه عارضة الأزياء التي تستمتع بإبراز ما لديها من "إمكانات" وتحب أن تكون بهذه الصفة محط اهتمام وجدل ، إن تسنى ذلك،
كثيرون ممن يتابعون مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" لا يحترمون المسلسل ، ويقولون أنه مسلسل سخيف ، وأداء ممثليه متواضع جدا من الناحية الفنية ، لكن البطولة الحقيقية هي للقصة الغريبة ، التي تداعب أحلام رجال ونساء الشرق ، أو قل بعض من هؤلاء ولا نعمم ، في تعدد الزوجات ، والاستمتاع بالإنتقال من حضن إلى آخر ، ولأن هؤلاء يجدون صعوبة في أن يعددوا -في الحلال أو الحرام - سواء أكانوا ذكورا أم إناثا ، فهم يستمتعون في مشاهدة أحلامهم المريضة تتحقق على الشاشة الفضية ، عبر قصص أسطورية ينسجها خيال مؤلف ، ويفاقم أحداثها كما يشاء ، فترى الزوجة ، في لحظة ما ، وإذ على ذمتها ثلاثة رجال في آن واحد ، وهي لحظة مستحيلة في الحياة الواقعية ، لكنها تتحقق على الشاشة ، فتشعل مخيلة المشاهد والمشاهدة ، وتدفعه دفعا لمتابعة هذه الأحداث التي قاربت أن تكون "فيلما هنديا" على حد تعبير أحد الكتاب المصريين ، خاصة ما يتعلق بعودة الحياة لمن مات ، وهو ماجد زوج زهرة ، الذي تحطمت به الطائرة ثم عاد حيا ولكنه فاقد للذاكرة ، وهي فكرة مستهلكة كما يقول كاتبنا ، خاصة في السينما المصرية ، حيث قدمت شويكار تلك الفكرة في فيلم أبيض وأسود مع يوسف فخر الدين ، إذ غرق زوجها الأول وعندما تزوجت مرة أخري فوجئت بأنه ما زال علي قيد الحياة ، وقدمتها نورا في فيلم أرملة رجل حي عندما فوجئت يوم زفافها الثاني بعودة زوجها الذي ظنت أنه مات في الحرب ، وتمسكت به كما تمسكت زهرة بزوجها ماجد ، وثار زوجها الثاني كما ثار فريد وحاول التخلص من زوجها الأول ، ولكن الفكرة مقدمة في مسلسل زهرة بسذاجة وإقحام ، وفكرة أصل أنا فقدت الذاكرة وأنا مش عارفني أنا تهت مني أنا مش أنا تلك انتهت منذ سنين ، كما يقول كاتبنا،
زهرة ، كما الحاج متولي ، تعبير فني عن حالة كبت اجتماعية التقطها أحد الأذكياء ، وتستحق أن تكون مفتاحا لدراسة الحالة النفسية لمجتمعنا الشرقي في إحد تجلياتها.
( الدستور )