خطاب شعبوي بائس لترامب.. بماذا يبشر شعبه والعالم؟

تم نشره الأحد 22nd كانون الثّاني / يناير 2017 12:35 صباحاً
خطاب شعبوي بائس لترامب.. بماذا يبشر شعبه والعالم؟
ياسر الزعاترة

خلافا لكل الأعراف الدبلوماسية في هكذا مناسبات، كان خطاب ترامب في حفل تنصيبه وفيا لخطابه الشعبوي البائس خلال الحملة الانتخابية، حتى اقتنع الجميع أن من المستحيل لشخض كهذا أن يصبح رئيسا.

خطاب مكتوب، ويُقرأ نصا، لكنه لا يغادر بؤس الخطاب الشعبوي الذي يستخف بالآخرين، وبإنجازاتهم، ويتحدث كما لو أنه “المخلص” الذي لم تنجب أمريكا مثيلا له.

أمريكا التي تحدث عنها ترامب في خطابه ليست الدولة التي يحلم مئات الملايين من البشر أن يصبحوا مواطنين فيها، بل دولة في غاية البؤس والشقاء.

إسمعه يقول: “بالنسبة للعديد من مواطنينا هناك واقع مختلف: أمهات وأطفال يحاصرهم الفقر في مدن الداخل. مصانع ضربها الصدأ منتشرة مثل شواهد القبور في جميع أنحاء بلادنا. نظام تعليمي يمتلك الكثير من المال، لكنه يترك شبابنا وطلابنا الرائعين محرومين من المعرفة. الجريمة والعصابات والمخدرات التي سرقت حياة العديدين وحرمت بلادنا من الكثير من المقدرات غير المستغلة”.

ولكن ما سبب ذلك برأيه؟ يجيب: “طوال عقود، قمنا بإثراء الصناعة الخارجية على حساب الصناعة الأمريكية. قدمنا الدعم المالي لجيوش دول أخرى بينما سمحنا بالتدهور المحزن جدا لجيشنا، دافعنا عن حدود دول أخرى بينما رفضنا الدفاع عن حدودنا، أنفقنا ترليونات وترليونات الدولارات في الخارج بينما تقادمت البنى التحتية الأمريكية وأصبحت متدهورة ومتداعية. لقد جعلنا دولا أخرى غنية بينما اختفت ثروة وقوة وثقة بلادنا. واحدا تلو الآخر أغلقت المصانع أبوابها وغادرت أراضينا، دون التفكير للحظة واحدة بملايين وملايين العمال الأمريكيين الذين تتركهم وراءها”.

فهمٌ سطحيون للسياسة الخارجية. هل كانت أمريكا جميعة خيرية تتصدق على أهل الأرض، أم هي قوة “إمبريالية” عاشت على نهب الآخرين؟! وهل قوة اقتصادها نابعة من عوامل ذاتية فقط، أم أيضا وقبل ذلك من النفوذ الذي تستجلبه القوة العسكرية والتدخلات الخارجية؟!

شعار “أمريكا أولا” الذي رفعه لا يعني أنه سيوقف الصدقات على الخارج، بل سيمارس مزيدا من الابتزاز بحق الآخرين. ألم يتحدث عن ضرورة أن يدفع الخليج ثمن حمايته، وعلى مطاردة الصين اقتصاديا، كأنها ستسكت على ما سيفعل؟!

تحدث عن الطبقة الوسطى والفقيرة، لكن أول أمر تنفيذي وقّعه كان يعيد النظر في قانون التأمين الصحي الذي اعتبره أوباما أهم إنجازاته، فمن هم الذين كان يخدمهم القانون المذكور؟!

خطاب ترامب هو ابتزاز للعالم من أجل مزيد من رفاه أمريكا، لكن الرجل الأرعن لا يفهم أن العالم ليس في وارد الخضوع لرغباته، وأن أمريكا ليست رب الكون، وأن التعددية القطبية صارت حقيقة.

هذا الرجل يستعيد بوش الابن الذي وعد الأمريكيين بـ”قرن إمبراطوري أمريكي جديد”؛ يبدأ من العراق وأفغانستان، وصولا إلى بحر قزوين، وإذ به يبدد ثروات بلاده في مطاردة أوهام وينتهي إلى الجدار المسدود.

كان لافتا بالطبع أنه لم يذكر في خطابه أية دولة أو دين بالاسم، إلا الإسلام، حيث قال: “سنعزز التحالفات القديمة، ونشكل تحالفات جديدة، ونوحد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف الذي سنزيله بشكل كامل من على وجه الارض”. ومن يتذكر أحاديثه عن منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، يدرك أنه يعتبر كل مسلم مشروع إرهابي، وسيكرر لعبة بوش في مطارة الإرهاب التي استنزفته كما يعرف الجميع.

كلام كبير وخطير تضمنه الخطاب، ما يعني أننا سنكون إزاء مرحلة مهمة، وتنطوي على أحداث ومغامرات يصعب التكهن بمضامينها، لكن المؤكد أن أمريكا لن تكون في وضع أفضل بعد 4 سنوات، وهذا خبر جيد بالنسبة لكل مستضعفي الأرض دون شك. 

الدستور 2017-01-22



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات