ديكتاتورية غير سياسية !

تم نشره الأحد 05 أيلول / سبتمبر 2010 05:40 صباحاً
ديكتاتورية غير سياسية !
خيري منصور

مثلما تعرضت الديمقراطية كمنجز مدني ونمط تفكير الى بعد واحد هو علاقة الحاكم بالمحكوم فان الديكتاتورية ايضا اختزلت الى الطغيان السياسي وحكم الفرد ، رغم ان المسألة تتخطى هذا الاختزال ، لتصبح مناخا تربويا مبثوثا في الحياة وثقافة غير احتكارية يشكل مفهوم الشراكة جذورها ، ولأن الواقع العربي بعد أن بلغ هذا المستوى الكارثي من الاستنقاع والعطن أصبح مجالا حيويا لخلط المفاهيم والأوراق والحوابل والنوابل ، فان الديكتاتورية التي فاضت عن حدودها السياسية تجلت اجتماعيا على نحو لا يصعب رصده ، بدءا من المدرسة والاسرة حتى الشارع ومجمل المشاهد في الحياة اليومية ، فسائق التاكسي ديكتاتور من حيث يعلم أو لا يعلم عندما يفرض على الراكب الموسيقى أو الاغنية التي يود سماعها وبالايقاع الذي يقرره ، وليس بامكان الفرد ان يعترض على ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها من خلال اجهزة التبريد في المول أو المقهى أو دائرة العمل ، حتى التجارة والتعامل في الاسواق يفرز رائحة الديكتاتورية ، لان البائع يريد ان يفرض على المشتري السلعة المتوفرة لديه ، ومقاس الثياب والالوان التي غمرها الغبار على الرفوف.

وهناك آباء وأمهات يفرضون على الابناء دخول كليات معينة بخلاف رغباتهم وامكاناتهم لأنهم أنانيون ، خصوصا تلك الكليات التي تضيف الى أسماء ابنائهم ألقابا ذات بريق اجتماعي ، وحين كتب عالم الاجتماع الراحل د. علي الوردي لمحات من تاريخ العراق تحدث باسهاب عن دور البداوة في افساد كل ما هو حديث ويتطلب أنماطا مغايرة من التفكير ، فتحدث عن التاجر وسائق التاكسي وما ينقصهما من مرونة تليق بأنشطة من هذا الطراز.

واحيانا نرى طغاة صغارا في مجالات عادية من حياتنا اليومية فنحمد الله على أنهم بقوا في مواقعهم ، لأنهم لو حكموا لتفوقوا على الامبراطور كاليجولا وقراقوش،

الديمقراطية في معناها الشامل مناخ فكري ومزاج اجتماعي يرسخ بمرور الوقت تقاليد واعرافا لها قوة القانون ، لهذا فهي ثقافة أولا ، وتربويات تختلط بحليب الأمهات ، لكن مجتمعات تسيرها مواعظ وأمثال وثقافة شفوية مهموسة اضافة الى فقه النميمة لا يمكن أن تفرز أنماطا من التفكير والسلوك لها صلة من قريب أو بعيد بالديمقراطية ، وبالمناسبة فان الطاغية أو الديكتاتور لم يسقط بمظلة من السماء ، انه ربيب ثقافة سياسية واجتماعية ومن افراز سياق حضاري محدد ، لهذا يقال بأن المجتمعات تنتج ما تستحقه من المجرمين والقضاة ، ومن الاشرار والاخيار والحمقى والمبدعين،

وكان من سوء حظ العربي انه قفز من منظومة اجتماعية لا تعترف بقيمة الفرد الى الحزب والنقابة والتشكيلات السياسية الحديثة ، وبقيت هناك حلقة مفقودة هي عدم تبلور شخصية الفرد والاعتراف بحقه في الاختلاف ، فالمطلوب هو قطيع متجانس من الداخل حتى لو تغيرت الالوان والملامح ، والناس في مجتمعات كهذه ليسوا بحاجة الى اسماء فالأرقام تكفي،،



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات