"منعطف حاسم" للمقاومة

تم نشره الأربعاء 25 كانون الثّاني / يناير 2017 12:30 صباحاً
"منعطف حاسم" للمقاومة
محمد أبو رمان

الهجوم الذي قامت به "جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً) على مقار "جيش المجاهدين" (وهو فصيل معارض مقرّب من تركيا)، يعكس حالة الفرز الراهنة بين الفصائل المسلّحة السورية، على وقع الانقلاب السياسي التركي، والتقارب الروسي-التركي الحالي.
الانقسام تعزّز مع مشاركة الفصائل الإسلامية في مفاوضات الأستانة، مع معارضة "جبهة فتح الشام" لذلك بشدة، ما وصل إلى حدود "تكفير" هذه الفصائل وتخوينها. وبالرغم من أنّ حليف الجبهة؛ "حركة أحرار الشام" (التي تعاني هي الأخرى من أزمة داخلية كبيرة) لم تشارك في المفاوضات، فإنّها أرادت إمساك العصا من المنتصف، بعدم تكفير أو اتهام وفد المعارضة في الأستانة، الأمر الذي لم يرق لجبهة فتح الشام التي بدأت التحضير للهجوم على مواقع في ريفي حلب الغربي وإدلب، في محاولة لتفكيك وجود الفصائل الإسلامية الموالية للأتراك في تلك المناطق.
في خلفية هذه التطوّرات هناك مخاض عميق تعبره الفصائل السورية الحالية، بخاصة بعد أحداث حلب، والتحول التركي الحاسم في إحداث خلل كبير في موازين القوى. هذا المخاض قسّم، عملياً، الفصائل المسلّحة الإسلامية في شمال سورية، وفي مناطق أخرى، إلى قسمين: الأول، هو الذي يطلق على نفسه "المعتدل"، وقريب من الأتراك، وأصبح على قناعة بعدم قدرته على تجاوز الوقائع الجديدة، وبعدم وجود خيارات سوى القبول بوقف إطلاق نار، والوصول إلى تفاهمات سياسية. والثاني، يتمثّل بجبهة فتح الشام التي تمّ استثناؤها أصلاً من هذه المعادلة السياسية، وتعرّضت خلال الأشهر الماضية إلى ضربات قاصمة من قبل التحالف الدولي، ما أدى إلى مقتل عدد كبير من القيادات ومئات العناصر.
في بطن الانقلاب التركي يأتي التحول في العلاقة بين أنقرة و"فتح الشام"، بعد أن حظيت الأخيرة بدعم غير مباشر كبير من المحور التركي-القطري في الأعوام الأولى، وكانت هناك ضغوط تمارس عليها من أجل إعلان الانفصال عن "القاعدة"، وهو ما تمّ فعلاً (بالإعلان عن تأسيس "جبهة فتح الشام")، لكن عامل الوقت كان حاسماً بعدم جدوى هذا القرار، بعد أن انقلب الدور التركي بصورة كبيرة!
أصبح الأتراك، اليوم مضطرين إلى وضع "جبهة فتح الشام" أمام منعطف آخر، يتمثل بخطوات حاسمة أكثر وضوحاً بالاندماج بالفصائل السورية الأخرى، وبالتخلي عن أيديولوجيا السلفية الجهادية، وبالقبول بالحل السلمي التفاوضي. وهو ما لا يمكن لجبهة فتح الشام أن تقوم به، في ضوء بنيتها الأيديولوجية والتنظيمية.
على الأغلب، حتى لو تمّ احتواء الخلافات الراهنة، مؤقتاً، وتجنيب ريفي إدلب وحلب حربا بين الفصائل المسلّحة السورية؛ "جبهة فتح الشام" من جهة وفصائل من "الجبهة الشامية" من جهة أخرى، فإنّ التحولات الحالية ستدفع بجبهة فتح الشام إلى حافة العداء، وربما المواجهة والصراع، مع الأتراك في المرحلة المقبلة، مع ازدياد الضغوط على الجبهة، سواء بالضربات الأميركية أو بالأزمات الداخلية، أو أزمتها مع حليفها الاستراتيجي في "جيش الفتح"؛ حركة أحرار الشام.
من جهتها، فإن حركة أحرار الشام لن تتمكن من "الصمود" طويلاً في المنتصف، واضعة قدماً هنا وأخرى هناك، ففي نهاية اليوم عليها أن تقرر ما إذا كانت ستنحاز إلى الفصائل المسلحة المرتبطة بالأجندة التركية، أم أنّها ستتعاضد مع "فتح الشام"، أو أنّ الانقسام الداخلي سيتعزز داخل الحركة، كما بدت المؤشرات الأخيرة، من خلال تأسيس جناح الصقور ما يسمى "جيش الأحرار"، بعد أن سيطر البراغماتيون على الحركة.
التناقض في الأجندات الأيديولوجية والسياسية بين قوى المعارضة المسلّحة كان لا بد أن يظهر في النهاية. لكنّه يأتي في أصعب مرحلة تمرّ بها المقاومة المسلّحة، وهي في حالة من الضعف الشديد!

الغد 2017-01-25



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات