الحرب الخاسرة ضد الفقر

مكافحة الفقر في مقدمة الأولويات التي تبنتها الحكومات الأردنية المتعاقبة، وكانت حكومة البخيت قد خرجت بخطة تفصيلية مكتوبة لإدارة الحرب ضد الفقر، معززة بإجراءات محددة ومخصصات مالية و حوافز، وكان المفروض أن تظهر النتائج خلال سنة، لكن حكومة البخيت رحلت قبل نهاية السنة وقبل أن تظهر النتائج التي لم تظهر حتى الآن، وليس لدينا دراسة تدل على أن الخطة وضعت موضع التطبيق أم على الرف.
مئات الملايين من الدنانير ُصرفت على صندوق المعونة الوطنية، ودعم السلع والخدمات الأساسية، وشبكة الأمان الاجتماعي، والمساكن الشعبية ولكن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر ظلت تراوح مكانها حول 13%.
الأساليب التي طبقتها الحكومات الأردنية حتى الآن في مكافحة الفقر جعلته مستقراً كحالة دائمة، وبالأخص تقديم الدعم النقدي الذي من شأنه إبقاء الفقير حياً قادراً على تجنب العمل وكسب الرزق اعتماداً على المعونة الشهرية التي يفقدها لو قبل عملاً وكسب دخلاً.
الإستراتيجية التي اتبعت حتى الآن، وهي رش المال على الفقر لم تحقق الأهداف المرجوة بالرغم من كلفتها العالية، لكن أحداً لم يخرج بإستراتيجية بديلة قابلة للتطبيق. ولم نسمع من اللجنة الاجتماعية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الاستشاري.
الفقر ليس ظاهرة اقتصادية حتى تعالج بالمخصصات المالية، بل ظاهرة ثقافية بالدرجة الأولى، فالفقير راض وقابل لحالته ويرى أنها الوضع الطبيعي أو قدر لا يرد، وأن من حقه أن يحصل على الدعم بصورة دائمة، فلا بد من مكافحة ثقافة الفقر.
صندوق المعونة الوطنية، على أهمية الخدمة التي يقوم بها وارتفاع مخصصاته عاماً بعد آخر، إلا أنه لم يخفض عدد الفقراء، ولم يحرك خط الفقر، لان المبلغ الذي يدفعه للأسرة الفقيرة لا يصل إلى المستوى المحدد لخط الفقر.
الفقر موجود في الأردن، كما في كل بلاد العالم، والفقير الأردني يحصل على التأمين الصحي في مستشفيات الحكومة ويرسل أولاده إلى مدارس التربية مجاناً، ويتمتع بقدر كبير من خدمات الدولة ودعمها للسلع الأساسية، وهناك عشرات الجمعيات التي تخدم المجتمع الريفي، وتؤمن العمل المجدي في الزراعة أو الخياطة أو تربية الماشية وما إلى ذلك من المهن البسيطة التي تؤمن دخلاً للعائلة وتفتح لها الباب للخروج من دائرة الفقر غير المغلقة.
( الراي )