ماذا لو فشلت المفاوضات؟

تحذير كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، من زوال السلطة في حال فشلت المفاوضات المباشرة بمثابة جرس الإنذار لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في حال تعثر المفاوضات أو الإعلان عن فشلها خلال الفترة القريبة المقبلة.
د. عبد المنعم سعيد، الكاتب والمحلل السياسي المصري، كان قد نقل في مقاله بالأهرام عن عريقات قوله إنّ المفاوضات لن تستمر طويلاً، ذلك أنّ موعد تجديد تجميد بناء المستوطنات جزئياً سيحل مع السادس والعشرين من الشهر الحالي، والفلسطينيون لن يستمروا في حال لم تمدد إسرائيل التجميد.
أردنيا، بقدر ما أنّ "مطبخ القرار" معني بملفات حيوية وأساسية في الحل النهائي، بقدر ما هو معني أيضا بالسيناريو الذي أفصح عنه عريقات "انهيار السلطة"، وكيفية التعامل معه، سواء كان خياراً اضطراريا أو قرارا (غير متوقع بالطبع) بتغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل. فشل المفاوضات له مسار آخر أخطر يتمثل باستراتيجية شراء الوقت، التي يتبناها نتنياهو من خلال عمليات الترحيل والتأجيل والمماطلة، التي تجعل من فكرة الدولة الفلسطينية في نهاية اليوم أمرا مستحيلا.
في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف اليومية مؤخّرا، أعاد الملك التأكيد على الثوابت الأردنية بوضوح، وتحديدا أنّ إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، بمثابة مصلحة استراتيجية أردنية. وفي الوقت نفسه أعلن بوضوح أنّ "أولويتنا هي حماية وطننا ومستقبلنا".
ذلك يعني أنّ الأردن ليس مستعدّا لأي سيناريو يضر بالمصالح الوطنية، ولا بالقيام بأي دور أو صيغة في هذا السياق، وهو ما عبّر عنه مسؤول رفيع أيضا بقوله إنّ صانع القرار يعتبر أي دور أردني في الضفة الغربية خلال المرحلة المقبلة بمثابة "انتحار سياسي".
بالضرورة، فإنّ سيناريو محاولة توريط الأردن في استحقاقات "تصفية القضية الفلسطينية" لا يمر فقط عبر ضغوط دولية من خلال الحل النهائي، بل ربما الطريق المعبّدة الأخطر له تتمثل في فشل المفاوضات وانهيار المشروع السياسي الفلسطيني في الضفة، والدخول في متاهات أمنية وسياسية معقدة، ومن ثم البدء بطرح حلول أخرى في واشنطن وتسويقها دوليا وإقليميا.
في حال فشلت المفاوضات، فإنّ مشروع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فيّاض، لا يستطيع ملء الفراغ إلا في سياق سياسي واضح يحمله داخليا وإقليميا، ما يعني أنّ الرهان عليه وحده غير مُجدٍ.
في المحصّلة، نحتاج لخريطة طريق واضحة في التعامل مع الملف الفلسطيني، وفي رسم خيارات واقعية لمواجهة السيناريوهات المختلفة في حال نجحت المفاوضات أم فشلت وانعكاساتها على ملف العلاقة الأردنية- الفلسطينية في بعدها الإقليمي وعلى المعادلة الداخلية.