ما تقايض عليه

تم نشره الخميس 09 أيلول / سبتمبر 2010 07:44 صباحاً
ما تقايض عليه
حياة الحويك عطية

قبل ايام كتبنا في هذه الزاوية بعنوان : ياخوت بعد اسكندر . كانت الانباء تربط زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي الى موسكو بالسعي الى وقف صفقة بيع اسلحة صواريخ ارض - بحر تحمل اسم ياخوت الى سوريا . مما كان يعيد الى الذهن تدخل الدولة العبرية لدى موسكو قبل سنوات لوقف صفقة بيع صواريخ ارض - جو تحمل اسم اسكندر الى دمشق .

وكما نجحت تل ابيب في المرة الاولى ، توقعنا نجاحها في المرة الثانية ، وهذا ما حصل . ببساطة لان لدى اسرائيل ما تقايض عليه .

الحجة الاسرائيلية المعلنة هي الاخلال بالتوازن العسكري ، وامكانية تسريب هذه الصواريخ الى حزب الله . والبديل الذي قدمه ايهودا باراك الى نظيره الروسي هو صفقات اسلحة اسرائيلية الى روسيا . لتقول وسائل الاعلام ان ذلك يلبي رغبة وزير الدفاع الروسي في تسليح الجيش عبر شراء الاسلحة . وفي ذلك تشكل اسرائيل مصدرا مهما لما يراد شراؤه .

غير ان التدقيق في هذه الحجة يظهرها باهتة ، اذ ان اية عملية مقايضة لا تتم بتقديم شراء مقابل بيع ( بمعنى انك لا تستطيع ان تقول لبائع لا تبع لانني انا سابيعك ، بل المنطقي ان تقول له لا تبع لهذه الجهة لانني انا ساشتري منك )

واذا كان الملمح الخاص لوزير الدفاع الروسي الحالي انه رجل غير عسكري ، رجل اعمال ناجح ، فان هذه المعادلة تصبح اقوى ، علما بان وزير الدفاع ليس هو من يقرر امرا ستراتيجيا كهذا .

في مسالة التصويت على العقوبات الاخيرة ضد ايران ، كسبت واشنطن الصوت الروسي في مجلس الامن مقابل رفع الحظر على بعض شركات انتاج وبيع الاسلحة الروسية ، وكان هذا منطقيا . كما انه اثبت مرة اخرى ، ان بلاد الدب الروسي لم تعد تؤمن ابدا باتخاذ القرارات بناءً على مواقف مبدئية ، بل بناءً على مقايضات بحتة . واذا كان من المؤكد ان كل العلاقات بين الدول هي علاقات مصالح بالدرجة الاولى ، فان روسيا اليوم تنظر الى مصالحها بناءً على سلم اولويات لا يقع في رأسه انشاء كتل دولية وتحالفات ضد هذا الطرف او ذاك ، بل يقع في هذه المرتبة الاولى تقوية الاقتصاد الروسي من الداخل ، ثم تقوية الامن الروسي من الداخل ، ثم تثبيت نفوذ روسيا في محيطها الحيوي المباشر اولا .

في هذه المحاور الثلاثة ، تستطيع اسرائيل ان تطرح على الطاولة اوراقا كثيرة ، كلها غالية الثمن : فتسهيل بيع الانتاج العسكري الروسي في الخارج مرتبط باللوبي الصناعي العسكري المتماهي مع اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة اولا وفي اوروبا ثانيا ، كما انه متوقف على رغبة الدول الغنية في عقد صفقات كبيرة مع مصانع الاسلحة الروسية .

كذلك فان تدعيم هذا الاقتصاد يمر اولا عبر الغاز وتسويقه ، ومن ثم عبر المنتجات الاخرى الباحثة عن استثمارات وعن اسواق .

اما تدعيم الامن الروسي الداخلي ، فيعني اولا محاربة الارهاب ، الذي لا يترك وقتا يمر دون ان يهز البلاد بشكل كارثي . ويهز معه دعائم الامن والاقتصاد والسياسة . ادارة بوتين - ميدفيديف تعرف جيدا ان واجهة هذا الارهاب اسلامية ، وتمويله كذلك ، وتسويقه الاعلامي الدولي كذلك ، لكنها تعرف ايضا - وبخصوصيتها الاستخباراتية - ان لاسرائيل دورا في استغلال هؤلاء الاسلاميين المتشددين وتوجيههم بطريقة غير مباشرة وخبيثة . وبما انها لا تستطيع مجابهة الدعم العاطفي الاول فهي تحاول - على الاقل - الالتفاف على المحرك الثاني .

ولعل مثال حوادث جورجيا قبل سنتين ، يقدم لنا ابرز برهان على ذلك ، كما ينقلنا الى المحور الرابع وهو الحفاظ على النفوذ الاقليمي لروسيا . ففي جورجيا ثبت دور الموساد المركزي في تفعيل المواجهة المسلحة مع موسكو ، كما ثبت ان مراكز السي اي ايه والموساد كانت تقيم هناك مخيمات للمتطوعين الاسلاميين الاسيويين والشيشان ، لتدريبهم وتوجيههم في عمليات ضد موسكو . ولا يغير في النتائج شيئا ما اذا كان هؤلاء المساكين يعرفون حقيقة من يدربهم او يوجههم او لا يعرف ، والفرضية الثانية هي الاقرب لان المتطوع لا يكون على علاقة الا مع مسؤوله المباشر ، في حين يقف اللاعبون الحقيقيون وراء مسرح الدمى .

اوراق كثيرة تعرضها اسرائيل على موسكو في هذه المحاور الثلاثة ، ويبرز السؤال : اوليس لدى العرب اوراق مهمة جدا في هذه المحاور نفسها؟

لا شك ان نعم وبقوة ، لكنها اوراق مدفونة في علبة حديدية في درج مفتاحه ليس بيد صاحبها .

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات