«تبييض» الإرهاب والتلويح بـ «إفشال».. جنيف 4

تم نشره الأحد 19 شباط / فبراير 2017 12:49 صباحاً
«تبييض» الإرهاب والتلويح بـ «إفشال».. جنيف 4
محمد خروب

لم تكن عرقلة مباحثات استانة 2 عفوية, وخصوصاً ان تركيا ارادت ان تستثمر نتائج المكالمة «الهاتفية» التي اجراها اردوغان مع ترامب، كي تُوجِّه رسالة لشريكَيْها الضامنين في «ثلاثية» وقف اطلاق النار وهما روسيا وايران، ان لديها الآن «ورقة» أخرى تناوِر بها, وانها في صدد توظيفها لتحسين «موقعها» على طاولة حل الأزمة السورية، الذي قد يكون ثمنه استدارة اخرى وجديدة (إقرأ انقلابية) يمكن ان تؤثر على ما جرى من اتفاقات وتفاهمات مع موسكو, خصوصاً منذ «المصالحة» التركية الروسية التي كلّفت اردوغان ثمناً غالياً من ماء وجه الدبلوماسية التركية, وتدهوراً ملحوظاً في علاقاته مع ادارة اوباما، ما بدا لبعض الواهمين ان اردوغان يستعد لمغادَرة «الناتو» كي يذهب «مرغماً» الى منظمة «شنغهاي» وربما الى ما هو ابعد من ذلك.
صحيح ان اجتماعات استانة 2 التي لعبت فيها انقرة وفصائل المعارضة المسلحة التي تأتمر بأمرها دوراً تخريبياً او معرقِلاً, اسفر عن عدم صدور بيان مشترك عن الاجتماعات التي تأخرت يوماً كاملاً بفضل تلاعب الوفد التركي وبيادقه المُسلَّحين, الا انه ايضا كشف عن طبيعة دور أنقرة المُقبِل في الالتزام – أو عدمه – بالآلية الثلاثية التي وضَعَت اساساً جيداً ومتوافقاً عليه بين الدول الثلاث الضامنة، والتي باتت الآن رهن ما ستُسفِر عنه مساعي الأيام الأربعة المقبلة التي تسبق اجتماعات جنيف 4، والتي أخذت( وبعد اجتماع ما يسمى أصدقاء سوريا في ميونيخ على هامش مؤتمر دول العشرين)، بُعداً ومساراً جديداً, يُنذِر بفشل هذه «النُسخة» التي طال انتظارها، والتي قيل في وصفها, انها ستكون نتاج «مسار» استانة, وانها ستُؤسِس الى مشهد «سوري» جديد، بعد ان قالت الميادين العسكرية كلمتها, وبعد ان تكرست القناعات بأن ما سُمّي بـ «الثورة» السورية قد انتهت (إقرأ فشِلَت وهُزِمَت), وان الوقت حان لأن يتولى السوريون أنفسهم, بلورة حل ينهض على توافقات وطنية ورؤية مشتركة ,لا إقصاء فيها ولا إلغاء في سوريا الجديدة.
المستجد في التجاذبات والجدل المندلع الآن, بين معسكر أصدقاء سوريا الذي تقوده الحكومة الفرنسية الآفِلة والمغادِرة قريباً الى غير رجعة, هو هذا «التناغم» اللافت الذي برز فجأة بين الدبلوماسية الفرنسية التي وجَّهت انتقادات لاذعة للرئيس الاميركي وتصريحاته نحو مستقبل الاتحاد الاوروبي، وبين رئيس الدبلوماسية الاميركية الجديد ريكس تيلرسون, بهدف «تبييض الارهاب» حيث قال الوزير الأميركي في تعالٍ: إنّ انضمام موسكو الى النظام السوري في وصف جميع المسلحين المعارِضين... بالارهابيين، سيجعل التعاون العسكري بين واشنطن وموسكو مُعقَّداً, مستطرِداً ومؤكِداً: لن يكون هناك تعاون عسكري حتى (يُقّر) الروس, بأن كل المعارضة ليست ارهابية.
لاقاه هنا نظيره الفرنسي ايرولت: الذي طالب الداعمين الروس للنظام بالضغط عليه, كي يتوقف عن اعتبار كل المعارضين ارهابيين، وإلاّ (...) فلن تكون هناك مناقشات في جنيف4. ولِأن الاوروبيين لا يتوقفون عن الابتزاز فإن الوزير الفرنسي, اخرج «أرنباً» جديداً من تحت إبطه, ليضيء على مسالة اخرى تفوح منها رائحة التهديد: مَنْ يُمكنه إعادة إعمار سوريا؟ تساءَل.. ليُجيب بثقة مُفرِطة: الاتحاد الاوروبي بصورة رئيسية, وقُلْنا–والكلام له–انه من غير الوارد إعادة الإعمار والنظام على ما هو (!).
الا يعيد استعادة الاسطوانة المشروخة هذه, وقائع الأزمة السورية الى «اتفاق لافروف كيري» في ايلول الماضي, عندما تهرّب الوزير الاميركي السابق من الالتزام بما اتفَق عليه مع زميله الروسي، ورفض التعاون لفرز المعارضة الإرهابية عن تلك الموصوفة غربيا وعربيا بـ»المعتدلة»؟ ألم يثبت فعلاً أن واشنطن ومَن حالفها من العرب والاتراك,كانا يرومون إخراج النصرةفتح الشام من دائرة الارهاب, لِيُضفوا عليها طابع الاعتدال؟ ثم بعد ان شن الارهابيون في شرق حلب غزوتهم المسماة «معركة حلب الكبرى» ألم يُهلِّل الاميركان والعرب والاتراك لهذه الغزوة, التي انتهت بتحرير حلب وإعادة توحيدها؟ وقد هال ذلك اردوغان فاستخدم كل ألاعيبه وضغوط الغرب, كي يُنقِذ هؤلاء الارهابيين من مصيرهم المحتوم، الموت او الاستسلام؟ وكان ذلك, من أسف, خطأً سورياً وروسياً فادحاً.

الان وهنا... يبدو التلويح بافشال جنيف4، مناورة اميركية تركية وبعض عربية, يُراد من خلالها, ربما, العودة او التلويح باستمرار العمل العسكري, والذي ظهرت مؤشراته ليس فقط في محاولة إفشال استانة, وانما في الغزوة اليائسة المُسمّاة «الموت ولا المذلة» في درعا, والتي انتهت بمحاصرة هؤلاء الارهابيين (ومنهم النُصرة وداعش) في منطقة ضيِّقة لا تؤثر كثيراً في الوضع الميداني.
ثم أليس من النفاق, مُطالَبة موسكو ودمشق بعدم اعتبار «كل» هؤلاء المسلحين ارهابيين، فيما هم وثوار الفنادق في الخارج, يشترطون خروج الرئيس السوري من منصبه ويرفوضون «أي»دور له في سوريا الجديدة؟ أما قرار مجلس الامن 2254 فلا ينص على ذلك, إنما يتحدث بشكل مُحدّد عن «اسلوب» الحكم, ودستور جديد وانتخابات في سوريا, كما قالت المتحدثة باسم دي ميستورا, الذي يتعرض لحملة تشويه من مُعارضي الفنادق والفضائيات؟
ليس كل ما يريده الغرب وتركيا سيتحقق, فالايام تغيرت وموازين القوى هي التي تتحدث وما كان صعباً تحقيقه قبل ذلك، غدا اكثر صعوبة حتى لا نقول مستحيلاً، وخير لهؤلاء ان ينتبهوا الى ما سيحدث في تدمر ودير الزور ودائماً الرقة والمجازر التركية في مدينة الباب السورية.

الراي 2017-02-19



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات