برهوم: الحقيقة هي الهدف الأسمى لأي عملية تعليمية وتثقيفية وإعلامية
المدينة نيوز :- أكد رئيس تحرير صحيفة الجوردان تايمز الزميل سمير برهوم ان "الحقيقة" يجب أن تكون الهدف الأول والأسمى لأي عملية تعليمية وتثقيفية وإعلامية، تحديداً ونحن نعيش في عصر جديد يطلق عليه "ما بعد الحقيقة" وهو العصر الذي تصبح فيه الانفعالات والعواطف والأكاذيب ذات تأثير قد يتجاوز الحقائق في تشكيل الرأي العام.
وقال برهوم في محاضرة ألقاها في معهد الإعلام الأردني اليوم السبت بعنوان "الإعلام في عصر ما بعد الحقيقة" وأدارها عميد المعهد الدكتور باسم الطويسي، إنه مع ازدياد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الهاتف والأجهزة اللوحية الذكية، أصبحت الحاجة ملحة إلى المزيد من الجهود لمحو الأمية الرقمية ليس فقط من الناحية التقنية، بل أيضاً من الناحية الفكرية والسلوكية والقانونية والتعليمية.
ودعا إلى حماية النشء والناس من مخاطر استخدام وسائل الإعلام الحديث في عصر "ما بعد الحقيقة" "Post-Truth" والتي تعمل على نشر الأكاذيب وتأجيج المشاعر والشعبوية الهادفة إلى تحقيق مكاسب ذاتية، وذلك من خلال التربية الإعلامية لتثقيف النشء خصوصا تعليمهم كيفية تمييز المعلومات والحقائق من غيرها من الآراء والشائعات والإعلام الموجه واللعب بالعواطف.
وأوضح أن موقع قاموس إكسفورد اختار تعبير "ما بعد الحقيقة" في العام 2016 باعتبارها مرتبطة بالظروف التي تجعل الحقائق الموضوعية أقل تأثيراً في تشكيل الرأي العام، مقابل تفوق المشاعر والمعتقدات الشخصية.
وبين إن مفهوم "ما بعد الحقيقة" كان مستخدما خلال العقد الماضي، ولكن تزايد استخدامه في العام 2016 وخصوصا في سياق الانتخابات الرئاسية الأميركية والتي انتخب من خلالها دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. حيث أن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي تعتبر أحد ضحايا هذه الفترة نظراً لبعض الأكاذيب المرتبطة بالترويج لعملية البريجزيت والمبالغة في نشر الخوف في صفوف المواطنين من عواقب بقاء بريطانيا في الاتحاد.
ولفت إلى أن "عصر ما بعد الحقيقة" قد يقود الجمهور مرة أخرى إلى وسائل الإعلام المهنية، حيث إن هجوم الرئاسة الاميركية الجديدة على صحيفة النيويورك تايمز أسهم في زيادة مقروئيتها من حيث عدد المشتركين وعدد زوار المواقع الإلكترونية، وقد انعكست هذه الزيادات على أسعار أسهم الصحيفة بنسبة 42%، كما شهدت محطتا سي إن إن وفوكس نيوز أيضاً زيادة في المشاهدات.
وزاد: ان تعزى هذه الزيادة إلى طبيعة الأحداث السياسية غير المسبوقة والتي أبقت الأميركيين وغيرهم متسمرين أمام شاشات التلفزة ومتابعة الصحف الرئيسة الملتزمة، في محاولة لفهم هذه التطورات.
وأشار إلى أنه صحيح أن الكثير من المتابعين يلجأون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للبقاء على اتصال بالأحداث، ولكن الكثير أيضاً يسعى للحصول على معلومات مكتملة وتغطيات معمقة وتحليلات موثوقة يمكن الحصول عليها فقط من مؤسسات موثوقة ومعروفة وليس من ناشطي وسائل التواصل المجتمعي.
وتابع: ان مثل هذه الأحداث والتطورات تفتح أعيننا على الفرق بين وسائل التواصل الاجتماعي والتي هي بالمحصلة أداة لإيصال معلومة وبين مصدر المعلومة والذي قد يكون مجرد فرد عادي أو سياسي يحمل أجندة معينة وبين مؤسسة إعلامية مهنية على قدر من المسؤولية المهنية، وبين من ينقل المعلومة دون تمحيصها ومن يتأكد منها ويحاول موازنتها ويسعى للتعمق فيها وأيضاً تحليلها عن طريق الوصول إلى مصادر موثوقة دون أي نوع من التحيز.
وقال برهوم في ختام محاضرته ان هذا ما يسلط الضوء على الإعلامي المحترف الملتزم بتغطية الحقيقة باتزان بعيداً عن العواطف أو أي اعتبارات أخرى تؤثر في موضوعيته، ويقود إلى ضرورة تعليم وتثقيف الصغار ليس فقط على استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، بل على الفكر والتفكير الناقد والبناء وكيفية استنباط الحقائق وتمييز الحقيقة من غيرها من امور من معتقدات ومشاعر وادعاءات.