العراق .. وسطوة النكران !

تم نشره الإثنين 27 شباط / فبراير 2017 12:37 صباحاً
العراق .. وسطوة النكران !
محمد كعوش

لا أحد أحس بالعار أمام مشهد التدمير الذاتي في أكثر من بلد عربي . ولا أحد أحس بالعار عندما ثبت أن بعض العرب يدافع عن مشروع الظلام ويمجد الحماقة والفوضى وألأرهاب .أما في الغرب فيتلذذون بمشاهدة عمليات السبي والقتل والتهجير والتدمير العشوائي ، ويشعرون بالسعادة وهم يرون المنظمات المسلحة المتطرفة تستخدم كل أدوات قمعها من اجل التحول الى سلطة ارهابية متخلفة تهدد ألأمن والأستقرار في بلاد العرب .
وهم ، وأعني العرب وأهل الحكم في الغرب ، يعرفون من يزود المنظمات المسلحة المتطرفة بالسلاح ، ومن يمولها ويعزز قواتها بالعتاد والرجال ، ومن يدعمها سياسيا واعلاميا ، كما يعرفون أن القضاء على هذه المنظمات الأرهابية يتم بتجفيف منابع التمويل والتسليح ، وهي وسيلة أسرع وأسهل من الحسم العسكري في محاربة الآرهاب ، لأن الأنتصار العسكري في المعارك ليس هو النجاح التام ، فالنجاح الحقيقي هو أن تجرد هذه التنظيمات من قوتها وتكسر ارادتها وقدرتها على القتال .
وفي نهاية كل حرب يتم الحل بشروط المنتصر أما في الحروب الداخلية ، أو الأقتتال الأهلي ، ينتهي الأمر بالجلوس حول طاولة المفاوضات لحل الأزمة بالحوار والتوافق والمشاركة . وهذا الواقع يقودنا للحديث عن الصراع في سوريا والعراق ، ففي سوريا يختلف الصراع عنه في العراق في الشكل والمضمون والأهداف ، لأن الحرب في سوريا هي أٌقرب الى الحرب الكونية تشارك في وقائعها أطراف عربية ودولية عديدة ، أي انها حرب متعددة الجنسيات ساحتها سوريا بهدف تقسيم البلاد والعباد ، على قاعدة عرقية وطائفية .

اما في العراق فالمسألة مختلفة ، حتى أن التحالف الدولي الذي يقاتل ضد النظام والجيش والدولة في سوريا ، هو الذي يقاتل الى جانب الجيش في العراق ضد تنظيم داعش . كما ان العراق تم اختطافه من قبل القوات الأميركية منذ احتلال بغداد ، فادارة الأحتلال هي التي وضعت الدستور وشكل الحكم وصياغة مستقبل بلاد الرافدين ، وهي التي فجرت الخلافات العرقية والمذهبية في العراق ، وهي التي شجعت على انتشار ثقافة الفساد والنهب والسمسرة 

لذلك أثار تصريح وزير الدفاع الأميركي الأستغراب والدهشة ، لدى زيارته الأخيرة الى بغداد ، عندما نفى أن يكون الوجود العسكري الأميركي في العراق بهدف الأستيلاء على النفط ، لأننا نعرف أن الولايات المتحدة نهبت كل ثروات العراق بعد الأحتلال ، ولا تزال تفرض هيمنتها العسكرية والسياسية والنفطية ، لأن هذا التواجد من اجل المصالح الأميركية وليس من أجل « سواد عيون العراقيين « .
وبمناسبة الحديث عن العراق ، لا بد من الحديث عن معركة الموصل ، لأن الأنتصار العسكري لا يعني انتهاء الأزمة الأمنية والسياسية في العراق ، طالما النظام الحالي ما زال اسير سطوة الأنكار وشهوة الأنتقام ، وهو بالتالي يخضع لسطوة الميليشيات وهيمنة الأحزاب المنتفعة من واقع الحال الراهن .

قد يجتاح الجيش العراقي والحشد الشعبي مدينة الموصل عاجلا أم آجلا ، لأن هزيمة تنظيم داعش حتمية ، بسبب ممارساته الوحشية ضد أهل الموصل ، وهو السلوك اللا انساني الذي أفقده البيئة الحاضنة ، لأنه فصيل عالق في الماضي لا ينتمي الى العصر لا بفكره ، ولا بادواته وخطابه وممارساته . كذلك انتصار الجيش والميليشيات المسلحة التي تنتمي الى احزاب طائفية لا ينهي المشكلة ولا يحل الأزمة في العراق ، لأن البلاد ، منذ احتلال بغداد ، تحتاج الى حل سياسي شامل على قاعدة المصالحة والمسامحة والمشاركة في السلطة وتكريس العدالة وقبول الآخر ، والتحرر من سطوة النكران وعقدة الخوف والأرتياب أولا ... هذا هو الحل .

الراي 2017-02-27

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات