أراء في تجربة مسيرة مارسيل خليفه
عايشت تجربة الفنان المبدع مارسيل خليفه منذ بداياته الفنية كونه الفنان الذي إختار الكلمة الوطنية والثورية واللحن الموسيقي المعبرعنها ..الكلمة المحرضة والداعية الى رفع وتيرة النضال ورفض إملاءات أمريكا وإسرائيل والغرب الهادفة الى تجهيل الشعوب العربية ودفعا الى تعميق الهوة بينها من خلال الدسائس والمؤامرات التي تحيكها لزرع الفتنة والخلافات بين الأقطار العربية من اجل الوصول الى الهدف المنشود وهو تأزيم الأوضاع وتجذير التوجه الإنقسامي حتى داخل القطر العربي الواحد ليسهل السيطرة عليه ولكن ظهور حركات ثورية ووطنية ناصبت القوى الإستعمارية العداء وعملة على رفع المستوى الثوري لدى الجماهير العربية ففي مصر ظهر مجموعة من الفنانين والموسيقيين والشعراء والمثقفين العرب الذين كتبوا ولحنوا وغنوا الكثير من الأغاني التي تحث الشعب على التصدي للإحتلال ومقاومته للحد من تصرفاته المشينة والتي تعتمد على الظلم والإساءة المتعمدة والهادفة الى اذلال الشعوب وقهرها ونجح عدد من هؤلاء في تثوير الجماهير العربية في مصر وفلسطين والعراق وبلاد المغرب العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين الماضي وفي النصف الثاني من نفس القرن ظهر عدد كبير من الشعراء والكتاب والمطربين العرب في معظم البلدان العربية ولن اتطرق الى ذكر هؤلاء الكتاب والشعراء والمطربين وسأقتصر في حديثي هنا على تجربة الفنان الموسيقار والمغني المبدع مارسيل خليفه الذي عايشت تجربته منذ بدايتها قيث غنى للوطن والمواطن للعامل والفلاح وللصيادين اللذين يمخرون عباب البحار لتأمين لقمة عيشهم وعائلاتهم وغنى للثورة والثوار وللتقدميين في الوطن العربي .
مارسيل خليفة الذي غنى معه وله الملايين من ابناء الأمة العربية في المهرجانات والإحتفالات الجماهيرية الوطنية والشعبية التي شملت معظم العواصم والمدن العربية هذا الفنان الذي عشقته الجماهير العربية والذي ادار دفة الغناء الوطني المعاصر منذ بداية السبعينيات حتى الأن إلا ان البعضاصبح الأن يعتقد أن تجربة الفنان مارسيل خليفة لم تعد قوية كما بدأت مع الأغاني الأولى الملتزمة، هؤلاء يعتقدون أنه «صار منهمكا ليبقي صورة الفنان الملتزم فوقع أسير التكلف والتصنع».
هذا الإعتقاد الذي لم يبنى على حيثيات ناتجة عن دراسات لمسيرة مارسيل ولا على إستطلاعات أراء جماهيرية شملت مساحة واسعة من الساحات العربية او حتى اعداد من المواطنين العرب هنا او هناك من الساحة العربية
،ادى الى حوار بين عدد من المتابعين لتجربة مارسيل . احد المتحورين من المنحازين لتجربة مارسيل علق بقوله :
الذين يحكمون على مارسيل بأنه وقع أسير التكلف والتصنع يجهلون او يتجاهلون أن الصورة الأولى التي تشكلت للفنان الكبير والتي تربت عليها أجيال بحالها، فرضتها ظروف مختلفة تماما، من بينها الحرب الأهلية اللبنانية التي برز خلالها مارسيل خليفة وصار معروفا على صعيد العالم العربي، بالإضافة إلى مجمل الظروف والأوضاع التي كانت سائدة في المنطقة ككل.
لقد تغير الوضع اليوم، وتغيرت اهتمامات الأجيال الجديدة التي تطرب لمارسيل خليفة وتفتنها موسيقاه، وكان لابد له من الانتقال ما بين النخبوي والشعبي لإرضاء محبي موسيقاه.
وعلق آخر بقوله : صحيح ان بعض أغاني مارسيل مثل أغنية "ريتا "
و«جواز سفر» وغيرهما لم تعد تعني الكثير للأجيال الشابة، إلا إن ذلك لا يعني وجود «انحراف» في ذائقتها الموسيقية، لكن الزمن تغير، والنبأ الطيب أن مارسيل خليفة تغير أيضا وهو قادر على التعبير بأصالة عن أحاسيس الجماهير المتعطشة لكل ما هو مؤثر وجميل.
أعتقد أن جمهور اليوم يكرم مارسيل الشاب، صاحب «ريتا» والكثير من الأغاني الوطنية». كما كان وما زال جمهوره الذي تعايش مع تجربته منذ البدايات يكرمه ويردد اغانيه الوطنية القديمة والحديثة ويحترم تطويره لنفسه وفنه باستمرار . وقال ثالث وكنت اعتقد انه سينتقد تجربة مارسيل في المرحلة الأخيره كونه ينتمي لجيل الشباب ولم يعاصر مارسيل في بداياته : الذين يقتقدون ان مارسيل وقع اسير التكلف والتصنع اوقعوا انفسهم في خطأ غير عفوي
وينطوي على موقف يتسم بالعدائية أكثر مما يتسم بالنقد الفني الجاد والموضوعي، ويكفي مارسيل شرفا انه لم يتراجع يوما عن مواصلة مسيرته الوطينية والثورية وانه لم يخن قضيته .
وكنت انتظر ان تتاح لي فرصة التعليق على ما أفاد به الذين ادلوا بآرائهم فقلت انتم جميعا تعلمون ان إستمرار أي مبدع وفي اي مجال من مجالات الإبداع تعتمد بالأساس على تحقيق النجاح المتواصل والى الدعم المعنوي والمادي احيانا واستمرار مارسيل خليفة وتطوره يحتاج، الى توفر جملة أمور أخرى، إلى أوضاع مادية جيدة تمكنه من الإستمرار في التطوير والتنويع وحفاظه على الإلتزام بمواقفه ، وانتماءاته السياسية، التي التزم بها ودعى اليها وبذل جهودا مضنية في الدعوة اليها ،وأحسن التعبير عنها بأساليب حوارية منطقية وواضحة وسليمة تماما كما التزم بتطوير مسيرته الفنية باعتماده على الكلمة الهادفة والقوالب الموسيقية الأكثر جمالا وشبابا وهذه هي الوصفة الحقيقية للبقاء والاستمرار والعطاء، وهنا أتساءل ويتساءل مع الكثيرون لماذا يحاول الكثيرون منا الإساءة لما هو جميل في هذا الوطن وللرموز الأكثر عطاءا وتميزا فينا ؟
ربما يعتقد البعض ان مثل هذا الرأي لايأتي الا من طرف شخص منحاز او يسعى الى الدفاع عن تسيرة هذا الفنان الكبير ، وأريد ، أؤكد للجميع ان معايشتي لتجربة هذا الفنان أملت عليّ ان أعطيه حقه في النقد او في الحديث عن هذه التجربة بصدق وبلا محاباة او تحيز .
